للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ، أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ. أَوْ تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ فِعْلِهِ فَالْأَفْضَلُ تَرْكُ الحِنْثِ، وَقِيلَ الحِنْثُ. وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزٍ قِيلَ: وَحَرَامٍ، قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللهُ أَعْلَمُ

(أو) على (ترك مندوب) كنافلة (أو فعل مكروه) كاستعمال متشمس (سن حنثه، وعليه كفارة) ; لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال ((من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه)) (أو) على فعل مندوب أو ترك مكروه كره حنثه، أو على (ترك مباح أو فعله) كدخول دار وأكل طعام كلا آكله أنا (فالأفضل ترك الحنث)؛ إبقاءً لتعظيم الاسم، نعم إن كان من شأنه تعلق غرض ديني بفعله أو تركه كلا يأكل طيبا أو لا يلبس ناعما، فإن قصد التأسي بالسلف أو الفراغ للعبادة فهي طاعة فيكره الحنث فيها وإلا فهي مكروهة فيندب فيها الحنث، (وقيل) الأفضل (الحنث)؛ لينتفع المساكين بالكفارة، نعم لو كان في عدم الحنث أذى للغير كأن حلف لا يدخل أو لا يأكل أو لا يلبس كذا ونحو صديقه يكرهه كان الأفضل الحنث قطعا.

[تنبيه] قد تجب اليمين (١) إذا تعينت للدفع عن ما لا يباح بالإباحة كنفس أو بضع (٢). (وله) أي الحالف بعد اليمين (تقديم كفارة بغير صوم على حنث جائز) -أي غير حرام؛ ليشمل الأقسام الخمسة الباقية- للخبر الصحيح ((فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير)) ; لأن سبب وجوبها اليمين والحنث جميعا والتقديم على أحد السببين (٣) جائز، نعم الأولى تأخيرها عنهما خروجا من الخلاف، ومرَّ أن من حلف على ممتنع البر يكفر حالا بخلافه على ممكنه، فإن وقت الكفارة فيه يدخل بالحنث. أما الصوم فيمتنع تقديمه على الحنث; لأنه عبادة بدنية، (قيل و) على حنث (حرام، قلت: هذا أصح، والله أعلم) فلو حلف لا يزني فكفر ثم زنى لم تلزمه كفارة أخرى; لأن الحظر في الفعل ليس من حيث اليمين؛ لحرمة المحلوف عليه قبلها وبعدها فالتكفير لا يتعلق به استباحة. وشرط إجزاء العتق المعجلة كفارته بقاء العبد حيا مسلما


(١). مال الشارح في الوديعة إلى تقييد ذلك بالحلف بالله دون الطلاق ٧/ ١٢١.
(٢). ولا تجب لدفع يمين خصمه الغموس على مالٍ خلافاً للنهاية، وذكر الشارح في الوديعة جوازها لنحو رد ظالم كي لا يأخذ نحو وديعة ٧/ ١٢١.
(٣). هما هنا الحلف و الحنث.

<<  <  ج: ص:  >  >>