للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَالجَارِي كَرَاكِدٍ، وَفِي الْقَدِيمِ لَا يَنْجُسُ بِلَا تَغَيُّرٍ،

(قلت: ذا القول أظهر والله اعلم)، ويستثنى أيضا ما على رِجْل الذباب وإن رُؤي، ويسيرٌ عرفا من شعر أو ريش، نعم المركوب يعفى عن كثير شعره، ويسيرٌ من دخّان أو بخار تصَعَّد بنار -وإلا كبخار كنيف (١) وريح دبر رطب فطاهر- ويسير من غبار السرجين (٢)، وما على منفذ غير آدمي بسبب النجاسة الخارجة منه لا غيره ولو من جوفه كقيئه (٣)، وروث ما نشؤه من الماء كسمك، و ذرق طير وقع فيه، وما على فمه، وفم كل مجتر وفم صبي، وكذا ما تلقيه الفئران من الروث في الحياض إذا عمّ الابتلاء به، وشرط ذلك كله: أن لا يغير، وأن يكون من غير مغلّظ، وأن لا يكون بفعله.

[تنبيه] إنما لم تُنَجِّس المستثنيات هنا ملاقيها ونجست المعفوات المذكورة في شروط الصلاة؛ لأن الضرورة هنا آكد، ويؤيده عدم تأثر ظرف الخمر إن تخللت، ومن المعفو عنه أيضاً ما لو تنجس آدمي أو حيوان طاهر ثم غاب وأمكن عادة طهره فلا ينجس ما مسه؛ لاجتماع احتمال طهره مع أصل طهارة الممسوس فضعف أصل تنجسه، ويؤخذ منه أنه لو أصاب شخصاً من أحد المشتبهين شيء لم ينجسه؛ للشك وهو واضح قبل الاجتهاد، أما لو اجتهد فينجسه ما أصابه من الإناء المظنون نجاسته، و الأقرب انعطاف الحكم على ما أصابه قبل ظن نجاسته بالاجتهاد، وعلى القول بأنه لا أثر له محله إن لم يستعمله و إلا فيلزمه أن يغسله لكي تصحّ صلاته.

(والجاري (٤) وهو ما اندفع في منحدر أو مستو فإن كان أمامه ارتفاع فهو كالراكد (كراكد، وفي القديم لا ينجس بلا تغير)؛ لقوّته، وعلى الجديد فالجريات وإن اتصلت حسّاً هي منفصلة حكماً فكل دفعة بين الحافّتين (٥) -ولو تقديراً- طالبة لما أمامها هاربة مما ورائها، فإن كانت دون القلتين تنجست بالملاقاة و إلا فالمتغيّر فقط، ثم إن جرت النجاسة مع الجرية


(١). أي بيت الخلاء.
(٢). قال في الفتح وإن كانت ثيابه رطبة.
(٣). عبارة الشارح في حاشيته على التحفة.
(٤). اعتمد الشارح عند قول المصنف: ((وقيل طاهر لا طهور)) أن الجرية من المائع الجاري إذا وقع بها نجس لا ينجس إلا ما لاقاه كالماء ١/ ٩٠.
(٥). أي ما يرتفع منه عند تموجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>