للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةٌ. قُلْتُ: هُوَ مَرْحَلَتَانِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ. وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ، فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ قَصَرَ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَوَّلًا، فَلَا قَصْرَ للهَائِمِ وَإِنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ،

(فصل) في شروط القصر

وهي ثمانية: أحدها سفر طويل، و (طويل السفر ثمانية وأربعون ميلا) ذهابا فقط تحديدا ولو ظنّا (هاشمية)؛ لما صحَّ أنَّ ابني عمر وعباس -رضي الله عنهم- كانا يقصران ويفطران في أربعة برد ومثله لا يكون إلا عن توقيف، والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف خطوة والخطوة ثلاثة أقدام فهو ستة آلاف ذراع (قلت: هو مرحلتان بسير الأثقال) ودبيب الأقدام على العادة مع النزول المعتاد لنحو الاستراحة والأكل والصلاة فيعتبر زمن ذلك وإن لم يوجد، والمرحلتان يوم بليلته أو عكسه وإن لم يعتدلا أو يومان معتدلان بحيث يكونان بزمن يوم بليلته، ومثل اليومين ليلتان أو يوم وليلة (١). (والبحر كالبرّ) في اشتراط تلك المسافة (فلو قطع الأميال في ساعة)؛ لشدّة الهواء (قصر والله أعلم).

(و) ثانيها علم مقصده، ولذا (يشترط قصد موضع) معلوم من حيث قدر المسافة ولو غير (معين) من حيث ذاته (أوَّلاً) -أي أول سفره-؛ ليعلم أنه طويل، نعم لو سافر متبوع بتابعه كأسير وقن وزوجة وجيش ولا يعرف مقصده قصر بعد المرحلتين؛ لتحقق الطول (٢)، ومثلهم ما لو قصد كافر مرحلتين ثمّ أسلم أثناءهما فيقصر فيما بقي؛ لقصده أوَّلاً ما يجوز له القصر فيه لو تأهل للصلاة، وبه يُفْرَق بينه وبين عاصٍ تاب فلا يحسب له ما قطعه قبل التوبة، (فلا قصر للهائم) وهو من لا يدري أين يتوجه وإن سلك طريقا مسلوكا (وإن طال تردده)؛ لأنه عابث فلا يليق به الترخص، نعم لو قصد مرحلتين أو أكثر قصر فيما قصده لا فيما زاد


(١). أي ليلة ليوم آخر.
(٢). يأتي تفصيل ذلك آنفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>