للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا كُسِبَ بِمُخَامَرَةِ نَجِسٍ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ مَكْرُوهٌ، وَيُسَنُّ أَلَّا يَأْكُلَهُ وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ

أنه سم أو من غير مأكول ومسكر ككثير أفيون وحشيش وجوزة وعنبر وزعفران وجلد دبغ ومستقذر أصالة بالنسبة لغالب ذوي الطباع السليمة (١) كمخاط ومني وبصاق وعرق لا لعارض كغسالة يد ولحم مثلا أنتن. وخرج بالبصاق وهو ما يُرمَى من الفم الريق وهو ما فيه فلا يحرم؛ لأنه غير مستقذر ما دام فيه، ومن ثم ((كان -صلى الله عليه وسلم- يمص لسان عائشة)). ولو وقعت ميتة لا نفس لها سائلة ولم تكثر بحيث تستقذر أو قطعة يسيرة من لحم آدمي في طبيخ لحم مذكى لم يحرم أكل الجميع (٢). وإذا وقع بول في قلتي ماء ولم يغيره جاز استعمال جميعه؛ لأنه لمَّا استهلك فيه صار كالعدم (وما كسب بمخامرة نجس كحجامة وكنس مكروه (٣) للحُرِّ وإن كسبه قن؛ للنهي الصحيح عن كسب الحجام، ولم يحرم؛ لأنه (-صلى الله عليه وسلم- أعطى حاجمه أجرته)) رواه البخاري ولو حرم لم يعطه؛ لأنه حيث حرم الأخذ حرم الإعطاء كأجرة النائحة إلا لضرورة كإعطاء شاعر أو ظالم أو قاض خوفا منه فيحرم الأخذ فقط، وعلة خبث كسب الحجامة مباشرته للنجاسة، ومن ثَمّ كان مثله الزبال والدباغ والقصاب، نعم لا يكره كسب الفصَّاد؛ لقلة مباشرته للنجاسة. ولا يكره لحر وغيره مكسوب بحرفة دنيئة. وحرَّم الحَسَن كسب الماشطة؛ لأنه لا يخلو غالبا عن حرام أو تغيير لخلق الله (ويسن) للحر (ألا يأكله) بل يكره له أكله وهو مثال إذ سائر وجوه الإنفاق حتى التصدق به كذلك (و) أن (يطعمه رقيقه وناضحه) أي بعيره الذي يستقي عليه؛ لنهيه -صلى الله عليه وسلم- من استأذنه في أجرة الحجام عنها فلا زال يسأله حتى قال له اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك، والمراد ويمون به ما يملكه من قن وغيره.

[فرع] يسن للإنسان أن يتحرى في مؤنة نفسه وممونه ما أمكنه، فإن عجز ففي مؤنة نفسه. ولا تحرم معاملة من أكثر ماله حرام (٤) ولا الأكل منها.


(١). نعم يجوز أن يسقي غير المميز ما فيه مستقذر طاهر، كما مر في التيمم ١/ ٣٤١.
(٢). ظاهره وإن لم تستهلك وتميزت خلافا لظاهر المغني، لكن الشارح قيد بالاستهلاك في كتاب الصيد والذبائح.
(٣). رجح الشارح في كتاب السير أن المكروه أكل كسب الحجامة ونحوها للحر، لا فعلها، ٩/ ٢٢٢.
(٤). بل لا يؤثر التيقن من ذلك إذا لم يعرف عين الحرام، كما أفاده الشارح في صلاة الخوف ٣/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>