للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ. وَمَا انْصَرَفَ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالرَّحِيمِ، وَالخَالِقِ، وَالرَّازِقِ، وَالرَّبِّ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ غَيْرَهُ. وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ: كَالشَّيْءِ وَالمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالحَيِّ لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةِ، وَالصِّفَةُ كَوَعَظَمَةِ اللهِ وَعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ يَمِينٌ،

حلف بمخلوق كره إلا إن قصد تعظيمه كتعظيم الله فيكفر، ويحرم الحلف بما لا حرمة له كالطلاق، نعم للمحتسب التحليف بالطلاق دون القاضي، بل يعزله الإمام به.

[تنبيه] لا تنعقد (١) اليمين الغموس وهي أن يحلف على ماض كاذبا عامدا; لأن الحنث اقترن بها ظاهرا وكذا باطنا على الأصح، (ولا يقبل) ظاهرا ولا باطنا (٢) (قوله لم أرد به اليمين) يعني لم أرد بما سبق من الأسماء والصفات الله تعالى; لأنها نص في معناها لا تحتمل غيره. أما لو قال في نحو بالله أو والله لأفعلن أردت بها غير اليمين كبالله أو والله المستعان أو وثقت أو استعنت بالله، ثم ابتدأت بقولي لأفعلن فإنه يقبل ظاهرا لكن بالنسبة لحق الله تعالى دون طلاق وإيلاء وعتق فلا يقبل ظاهرا؛ لتعلق حق الغير به، (وما انصرف إليه سبحانه عند الإطلاق) غالبا وإلى غيره بالتقييد (كالرحيم والخالق والرازق) والمصور والجبار والمتكبر والحق والقاهر والقادر (والرب تنعقد به اليمين) ; لانصراف الإطلاق إليه تعالى، وأل فيها للكمال (إلا أن يريد) بها (غيره) تعالى بأن أراده تعالى أو أطلق بخلاف ما لو أراد بها غيره; لأنه قد يستعمل في ذلك كرحيم القلب وخالق الكذب. (وما استعمل فيه وفي غيره) تعالى (سواء كالشيء والموجود والعالِم والحي) والسميع والبصير والعليم والحليم والغني (ليس بيمين إلا بنية) بأن أراده تعالى بها بخلاف ما إذا أراد بها غيره أو أطلق; لأنها لَمَّا أطلقت عليهما سواء أشبهت الكنايات والاشتراك إنما يمنع الحرمة والتعظيم عند عدم النية. ولا تنعقد بالجناب الرفيع وإن نوى به الله؛ لاستحالة ذلك عليه.

(و) الثاني ويختص من الصفات بما لا شركة فيه وهو (الصفة) الذاتية وهي (كوعظمة الله وعزته وكبريائه وكلامه وعلمه وقدرته ومشيئته) وإرادته، والفرض أنه أتى بالظاهر بدل الضمير في الكل (يمين) وإن أطلق; لأنه تعالى لَمَّا لم يَزَل موصوفا بها أشبهت أسماءه المختصة به.


(١). هذا ظاهر الشارح خلافا للمغني وشرح الروض والشهاب الرملي.
(٢). قيد المغني والروض مع شرحه ذلك بما إذا لم تكن هناك قرينه تدل على قصده اليمين وإلا لم يصدق ظاهرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>