للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الأيمان]

لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِذَاتِ اللهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ لَهُ كَقَوْلِهِ: وَاَللهِ، وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَالحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ، وَكُلِّ اسْمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

[كتاب الأيمان]

بالفتح جمع يمين، ويرادفه الإيلاء والقسم. وهي شرعا بالنظر لوجوب تكفيرها تحقيق أمر محتمل بما يأتي، وبعضهم أبدل ((محتمل)) بـ ((غير ثابت)) فيدخل الممتنع (١)، ويسمى الحلف بنحو الطلاق يمينا شرعية وإن لم يكن فيه تكفير. فخرج بالتحقيق لغو اليمين الآتي، وبالمحتمل نحو لأموتن أو لا أصعد السماء؛ لعدم تصور الحنث فيه بذاته فلا إخلال فيه بتعظيم اسمه تعالى بخلاف لا مُتُّ ولأصعدن السماء ولأقتلن الميت فإنه يمين يجب تكفيرها حالا ما لم يقيد بوقت كغد فيكفر غدا وذلك؛ لهتكه حرمة الاسم، والفرق أن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله وامتناع البر يخل به فيحوج إلى التكفير (٢). وشرط الحالف أن يكون مكلفا أو سكرانا مختارا قاصدا فخرج صبي ومجنون ومكره ولاغ. (لا تنعقد) اليمين (إلا بذات الله تعالى) أي اسم دال عليها وإن دل على صفة معها وهي في اصطلاح المتكلمين الحقيقة (أو صفة له) وستأتي، والمعنى أن كل يمين منعقدة لا تكون إلا باسم ذات أو صفة، لا أن كل ما هو باسم الله أو صفته يكون منعقداً.

فالأول بقسميه (كقوله والله ورب العالمين) أي مالك المخلوقات; لأن كل مخلوق علامة على وجود خالقه (والحي الذي لا يموت ومن نفسي بيده) -أي قدرته يصرفها كيف شاء- ومن فَلَقَ الحبة (وكل اسم مختص به) الله (سبحانه وتعالى) غير ما ذكر ولو مشتقا ومن غير أسمائه الحسنى كالإله ومالك يوم الدين والذي أعبده أو أسجد له ومقلب القلوب، فلا تنعقد بمخلوق كنبي وملك؛ للنهي الصحيح عن الحلف بالآباء، وللأمر بالحلف بالله، فإن


(١). كالروض والمغني.
(٢). أفاده الشارح في تعليق الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>