للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَرَاعٍ فِي الْأَصَحِّ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَيَجُوزُ دُفٌّ وَاسْتِمَاعُهُ لِعُرْسٍ وَخِتَانٍ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ جَلَاجِلُ. وَيَحْرُمُ ضَرْبُ الْكُوبَةِ، وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ. لَا الرَّقْصُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكَسُّرٌ كَفِعْلِ المُخَنَِّثِ

(لا يراع) وهو الشبابة سميت بذلك؛ لخلو جوفها، ومن ثم قالوا لمن لا قلب له رجل يراع فلا يحرم (في الأصح)؛ لخبر فيها (قلت الأصح تحريمه والله أعلم) ; لأنه مطرب بانفراده (ويجوز دف) أي ضربه (واستماعه) بل يسن (لعرس) ; لأنه -صلى الله عليه وسلم- أقرّ جويريات ضربن به حين بنى علي بفاطمة كرم الله وجههما (وختان) ; لأن عمر -رضي الله عنه- كان يقره فيه كالنكاح وينكره في غيرهما (وكذا غيرهما) من كل سرور (في الأصح)؛ لخبر الترمذي أنه -صلى الله عليه وسلم- لمّا رجع إلى المدينة من بعض مغازيه قالت له جارية سوداء إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف فقال لها ((إن كنت نذرت أوفي بنذرك))، ويندب بقصد السرور بقدوم نحو عالم لنفع المسلمين؛ إذ المباح لا ينعقد نذره ولا يؤمر بوفائه، وأُخذ من الحديث ندبه في كل وسيلة لقربة عامة (١)، ويباح أو يسن عند من قال بندبه (وإن كان فيه جلاجل)؛ لإطلاق الخبر، وادِّعاء أنه لم يكن بجلاجل يحتاج لإثباته، وهي إما نحو حلق تجعل داخله كدف العرب أو صنوج عراض من صفر تجعل في خروق دائرته كدف العجم، ولا فرق بين ضربه من رجل أو امرأة (ويحرم ضرب الكُوبة) ويحرم استماعه أيضا (وهي طبل طويل ضيق الوسط) واسع الطرفين لكن أحدهما الآن أوسع من الآخر الذي لا جلد عليه؛ للخبر الصحيح ((إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة))، وتحل بقية الطبول عداها (٢) (لا الرقص) فلا يحرم ولا يكره; لأنه مجرد حركات على استقامة أو اعوجاج ولأنه -صلى الله عليه وسلم- أقر الحبشة عليه في مسجده يوم عيد.

[تنبيه] أرباب الأحوال إن ادعوا حِلَّ شيء مما مر حكمنا بفسقهم وإن كان لهم نوع عذر، وسائر ما يُحكى عن الصوفية مما يخالف ظواهر الشرع لا يحتج به؛ لأنه إن صدر في حال تكليفهم فهم كغيرهم أو مع غيبتهم لم يكونوا مكلفين به (٣) (إلا أن يكون فيه تكسر كفعل المخنَِّث) -فيحرم على الرجال والنساء- وهو من يتخلق بخلق النساء حركة وهيئة، وعليه


(١). ذكره الشارح في النذر.
(٢). أي ولو كانت طبول لهو خلافا للمغني والأسنى ووفاقا للنهاية.
(٣). ذكره الشارح في الردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>