للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِأَنْ يَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهِ وَيَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ، وَيُمْسِكَ الصَّيْدَ وَلَا تَأْكُلَ مِنْهُ

عليها ضروري، ومن ثم لو وقع ببئر بها ماء أو صدمه جدارها حرم، أما إذا لم يؤثر فيه فلا يحل جَرَحَهُ أوْ لا. والماء لطيره (١) كالأرض إن أصابه وهو فيه وإن كان الرامي بالبر أو في هوائه والرامي بسفينة مثلا، فإن كان خارجه ثم وقع فيه، أو بهوائه والرامي بالبر حرم. هذا كله حيث لم ينهه السهم لحركة مذبوح وإلا لم يؤثر شيء مما ذكر، وحيث لم يغمسه السهم أو ينغمس لثقل جثته في الماء قبل انتهائه لحركة مذبوح وإلا فهو غريق.

[تنبيه] يحل رمي طير كبير لا يقتله البندق غالبا كالإوز بخلاف صغير؛ لأنه يقتلها غالبة وقتل الحيوان عبثا حرام، والكلام في البندق المعتاد قديما -وهو ما يصنع من الطين- أما البندق المعتاد الآن -وهو ما يصنع من الحديد ويرمى بالنار- فيحرم مطلقا; لأنه محرق مذفف سريعا غالبا ولو في الكبير، نعم إن علم حاذق أنه إنما يصيب نحو جناح كبير فيثبته فقط احتمل الحل (ويحل الاصطياد) المستلزم لحل المصاد المدرك ميتا أو في حكمه (بجوارح السباع والطير ككلب وفهد) ونمر قَبِلا التعليم وإلا فلا (وباز وشاهين)؛ لقوله تعالى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} المائدة: ٤ أي مصيده، أما الاصطياد بمعنى إثبات الملك على الصيد فيحصل بأي طريق تيسر كما يأتي (بشرط كونها معلمة)؛ للآية (بأن ينزجر جارحة السباع بزجر صاحبه) أي مَن هو بيده ولو غاصبا، أي يقف بإيقافه ولو بعد شدة عدوه (ويسترسل بإرساله) أي يهيج بإغرائه؛ لقوله تعالى {مُكَلِّبِينَ} المائدة: ٤ أي: مؤتمرين بالأمر منتهين بالنهي، ومن لازم هذا أن ينطلق بإطلاقه فلو انطلق بنفسه لم يفسد تعليمه لكن لا يحل الصيد (ويمسك الصيد) أي يحبسه لصاحبه فإذا جاء تخلى عنه (ولا يأكل منه) بعد إمساكه -قبل قتله أو بعده (٢) - ولو من نحو جلده لا نحو شعره، واشترط ما مر؛ للنهي الصحيح عن الأكل مما أكلت منه، وكأكله منه مقاتلته دونه، وكذا لو هرَّ (٣) في وجه صاحبه عند أخذه الصيد منه إن كان هره لطمعه فيها؛


(١). أي لطير الماء وفاقا للمغني وظاهر النهاية أن الشرط كونه على وجه الماء وإن لم يكن طير ماء.
(٢). عبَّرا بـ ((عقبه)).
(٣). الهرير صوت دون النباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>