للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالمَقْذُوفِ: الْإِحْصَانُ، وَسَبَقَ فِي اللِّعَانِ. وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًا حُدُّوا فِي الْأَظْهَرِ. وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَبِيدٍ وَكَفَرَةٍ عَلَى المَذْهَبِ. وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ فَلَا حَدَّ، وَلَوْ تَقَاذَفَا فَلَيْسَ تَقَاصًّا

وإلا لم يعاقب. (و) شرط (المقذوف) ليحد قاذفه (الإحصان)؛ للآية (وسبق في اللعان (١) بيان شروطه وشروط المقذوف، نعم لا يجب على الحاكم البحث عن إحصان المقذوف بل يقيم الحد على القاذف لظاهر الإحصان؛ تغليظا عليه لعصيانه بالقذف. (ولو شهد) عند قاض رجال أحرار مسلمون (دون أربعة بالزنا حُدُّوا) حد القذف (في الأظهر)؛ لما في البخاري أن عمر -رضي الله عنه- حدَّ الثلاثة الذين شهدوا بزنا المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- ولم يخالفه أحد. ولهم تحليفه أنه لم يزن فإن نكل لم يحدوا إن حلفوا، وكذا لو كان الزوج رابعهم؛ لتهمته في شهادته بزناها. أما لو شهدوا لا عند قاض فقَذَفَة قطعا. ولا يُحدُّ شاهد جَرَحَ بزنا (٢) وإن انفرد; لأن ذلك فرض كفاية عليه، ويندب لشهود الزنا فعل ما يظنونه مصلحة من ستر أو شهادة، والعبرة في المصلحة بحال المشهود عليه دون حال الشاهد (وكذا لو شهد أربع نسوة و) أربع (عبيد و) أربع (كَفَرَة) أهل ذمة أو أكثر في الكل فيحدون (على المذهب) ; لأنهم ليسوا من أهل الشهادة فتمحضت شهادتهم للقذف، ومحله إن كانوا بصفة الشهود ظاهرا وإلا لم يصغ إليهم فيكونون قَذَفَة قطعا، ولا تقبل إعادتها من الأوَّلِين إذا تموا؛ لبقاء التهمة كفاسق رُدّ فتاب بخلاف نحو الكفرة والعبيد؛ لظهور نقصهم فلا تهمة (ولو شهد واحد على إقراره) بالزنا (فلا حدّ) كما لو قال له أقررت بالزنا قاصدا به قذفه وتعييره بل أولى.

[تنبيه] استشكل أنه لو علَّق الطلاق بزناها وعلم به اثنان، فإن شهدا به ترتب عليهم الحد والفسق، وإن لم يشهدا صارا مقرين للزوج على وطئها زنا، ويجاب بأنهما يشهدان وجوبا ولا شيء عليهما؛ لأن قصدهما إيقاع الطلاق يمنع عنهما توهم القذف بصورة الشهادة (ولو تقاذفا فليس تقاصا) فلكل واحد الحد على الآخر; لأن شرط التقاص اتحاد الجنس والصفة وهو متعذر هنا؛ لاختلاف تأثير الحدين باختلاف البدنين غالبا، نعم لمن سُبّ أن يرد على


(١). ومنه أنه باللعان تسقط حصانتها في حقه فقط إن لم تلتعن أو التعنت فقذفها بذلك الزنا أو أطلق ٨/ ٢٢٢.
(٢). وذلك بأن شهد في قضية فادعى المشهود عليه أنه زانٍ وأقام من شهد بذلك، فلا حد على الشاهد بالزنا; لأن ذلك فرض كفاية عليه، ولا على المشهود عليه؛ لأن غرضه الدفع عن نفسه، لا التعيير.

<<  <  ج: ص:  >  >>