للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ المَالِ، إنْ أُفْرِزَ لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ قُطِعَ، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي المَسْرُوقِ كَمَالِ المَصَالحِ وَكَصَدَقَةٍ وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَا، وَإِلَّا قُطِعَ. وَالمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ

المحرز عنه (١)؛ لعموم الأدلة، وشبهة استحقاقها النفقة والكسوة في ماله لا أثر لها؛ لأنها مقدرة محدودة، وبه فارقت البعض والقن، وأيضا فالفرض أنه ليس لها عنده شيء منهما، ومن ثم لو كان لها عنده شيء منهما حين السرقة فأخذته بقصد الاستيفاء لم تقطع كدائن سرق مال مدينه بقصد الاستيفاء- سواء جنس دينه وغيره -إن حلَّ وجحد الغريم أو ماطل، ولا يشترط توفر بقية شروط الظفر؛ لأنه يُعد شبهة وإن لم يبح الأخذ. ولا يقطع بسرقة طعام في زمن قحط لم يقدر عليه ولو بثمن غالٍ لم يسمح به مالكه. (ومن سرق مال بيت المال) وهو مسلم (إن أفرز لطائفة ليس هو منهم قطع)؛ إذ لا شبهة، نعم متى لم يعلم الإفراز وكان له فيه حق لا يقطع؛ لأن له فيه حينئذ شبهة باعتبار ظنه (وإلا) يفرز (فالأصح أنه إن كان له حق في المسروق كمال مصالح) ولو غنيا (وكصدقة) أي زكاة أفرزت (وهو فقير) أي مستحق لها بوصف فقر أو غيره (فلا) يقطع للشبهة وإن لم يجر فيها ظفر كما يأتي (وإلا) يكن له فيه حق كغني أخذ مال صدقة وليس غارما لإصلاح ذات البين ولا غازيا (قطع)؛ لانتفاء الشبهة بخلاف أخذه مال المصالح؛ لأنها قد تصرف لما ينتفع به كعمارة المساجد، ومن ثم يقطع الذمي بمال بيت المال مطلقا؛ لأنه لا ينتفع به إلا تبعا لنا والإنفاق عليه منه عند الحاجة مضمون عليه.

[تنبيه] مشى المصنف في هذا على الضعيف والمعتمد أنه لا قطع بسرقة مسلم مال بيت المال مطلقا؛ لأن له فيه حقا في الجملة إلا إن أفرز لمن ليس هو منهم، وإيهامه تخصيص ذلك ببعض أموال بيت المال غير مراد كما أن إيهامه أن مال الصدقة بسائر أنواعها من أموال بيت المال غير مراد أيضاً. (والمذهب قطعه بباب مسجد وجذعه) ونحو منبره وسقفه وسواريه وقناديله التي للزينة وتآزيره (٢) أي التي للزينة أو التحصين؛ لأن ذلك معد لتحصينه وعمارته


(١). أي بأن يكون في بيت آخر غير الذي هما فيه، أما لوكانا في بيت واحد فلا قطع ولو كان المال في صندوق مقفل، هذا على مقتضى كلام الشارح والنهاية، أما على مقتضى كلام المغني فالصندوق المقفل يكون حرزا وإن كان الموضع واحدا.
(٢). أزر به الشيء أحاط، لسان العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>