للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَبِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ،

الوضع -وهو ربط الأحكام بالأسباب- تغليظا عليه; لتعديه، ومن أطلق تكليف السكران أراد أنه بعد صحوه مكلف بقضاء ما فاته، أو أنه يجري عليه أحكام المكلفين وإلا لزم صحة نحو صلاته وصومه، وتقدم أنه لو اتصل بالسكر جنون لم يتولد ذلك الجنون عن السكر وقع عليه المدة التي ينتهي إليها السكر غالبا. (ويقع) الطلاق (بصريحه) وهو ما لا يحتمل ظاهره غير الطلاق، ومن ثم وقع إجماعا. ولو قال تالق فإن كان (١) من قوم يبدلون الطاء تاءً واطردت لغتهم بذلك كان على صراحته وإلا فهو كناية; لأن ذلك الإبدال له أصل في اللغة، وليس من هذا قول قوم طلَقة -بفتح اللام- لا أفعل كذا، بل هو لغو كطالق لا أفعل كذا بل أولى بخلاف عليَّ طلقة لا أفعل فكناية (بلا نية) لإيقاع الطلاق من العارف بمدلول لفظه، فلا ينافيه ما يأتي أنه يشترط قصد لفظ الطلاق لمعناه، فلا يكفي قصد حروفه فقط كأن لُقِّنَهُ أعجمي لا يعرف مدلوله فقصد لفظه فقط، أو مع مدلوله عند أهله. وسيعلم من كلامه أن الإكراه يجعل الصريح كناية (وبكناية) وهي ما يحتمل الطلاق وغيره وإن كان في بعضها أظهر (مع النية) لإيقاعه ومع قصد حروفه أيضا، فإن لم ينو لم يقع إجماعا سواء الظاهرة المقترن بها قرينة كأنت بائن بينونة محرمة لا تحلين لي أبدا (٢)، وغيرها كلست بزوجتي إلا إن وقع في جواب دعوى فإقرار به. ويقع على السكران الطلاقُ بالكناية وإن لم تعلم نيته؛ تغليظا عليه. وشرط وقوعه بصريح أو كناية رفع صوته بحيث يسمع نفسه لو كان صحيح السمع ولا عارض، ولا يقع بغير لفظ عند أكثر العلماء ورأى مالك -رضي الله عنه- وقوع النفساني.

[تنبيه] أطلقوا في لست بزوجتي -الذي ليست في جواب دعوى- أنه كناية فشمل إن فعلت كذا فلست بزوجتي، وعليه فإن نوى معنى فأنت طالق الذي هو إنشاء الطلاق عند وجود المعلق عليه وقع وإلا فلا، ويوجه بأن نفي الزوجية في هذا التركيب قد يراد به النفي المترتب على الإنشاء الذي نواه، وقد يراد به نفي بعض آثار الزوجية كترك إنفاقها أو وطئها فاحتاج لنية الإيقاع، ومثله إن فعلت كذا ما أنت لي بزوجة أو ما تكونين لي زوجة أو ما


(١). خلافا لهما كالشهاب الرملي حيث اعتمدا أنه كناية سواء لغته كذلك أم لا.
(٢). إنما لم يكن صريحا؛ لاحتماله غير الطلاق كالتحريم بالفسخ بنحو رضاع، أفاده الشارح في الوقف ٦/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>