للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ، وَكَذَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ عَلَى المَشْهُورِ كَطَلَّقْتُك

تصلحين لي زوجة؛ لاحتماله لذينك (١)، ومما يصرح بذلك إفتاء البلقيني في إن شكاني أخوك لست لي بزوجة بأنه إن قصد أنها طالق عند حصول الشكوى طلقت أو أنه يطلقها فإن نوى الفورية (٢) ففاتت طلقت، وإلا لم تطلق إلا باليأس، والذي يتجه في ((ما عاد تكونين لي بزوجة)) أنه كناية أيضا؛ لأن لفظ ((عاد)) زائد، ومثله ما لو حلف بالطلاق ثلاثا ما عاد زوج بنتي يكون زوجاً لها.

(وصريحه الطلاقُ) أي ما اشتق منه إجماعا، (وكذا) الخلع والمفاداة وما اشتق منهما على ما مر فيهما (٣). ولو قال خالعتك على مذهب أحمد ووجدت شروط الخلع الذي يكون فسخا بها عنده لم يكن ذلك قرينة صارفة؛ لصراحة الخلع في الطلاق عندنا، فهو كأنت طالق طلاقا لا يقع، فعلم أن القرينة المخالفة لوضع اللفظ لغو كقوله لموطوءته أنت طالق طلاقا بائنا تملكين به نفسك فإنه مع ذلك يقع رجعيا ولا نظر لقوله بائنا إلى آخره؛ لمخالفته لموضوع الصيغة من كل وجه. وكذا (الفراق والسَّراح (٤) أي ما اشتق منهما (على المشهور)؛ لاشتهارهما في معنى الطلاق وورودهما في القرآن مع تكرر الفراق فيه، وإلحاق ما لم يتكرر بما تكرر وما لم يرد من المشتقات بما ورد; لأنه بمعناه، نعم هما ليسا صريحين في نحو أعجمي لم يعلم إلا الطلاق ولم يدر مدلول الفراق والسراح ولم يخالط أهله مدة يظن بها كذبه وإلا فجهله بالصراحة لا يؤثر فيها؛ لما يأتي أن الجهل بالحكم لا يؤثر وإن عذر به. والعبرة في الكفار بالصريح والكناية عندهم لا عندنا; لأنا نعتبر اعتقادهم في عقودهم فكذا في طلاقهم، ومحله (٥) إن لم يترافعوا إلينا كما مر (كطلقتك) وطَلَّقْتُ -سواء من الزوج بعد أن قيل له طلقها


(١). أي نفي الزوجية أو نفي بعض آثارها.
(٢). أي أنه يطلقها عقب الشكوى.
(٣). أي في باب الخلع من التفصيل فيما إذا ذكر مالا في الصراحة وعدمها أو نوى التماس قبولها وعدمه ٧/ ٤٧٨.
(٤). ويحكم القاضي بالطلاق إن شهد أنه سرحها وإن احتمل أنه سرح رأسها، ومثل التسريح ما يشبهه من الصريح المحتمل، أفاده الشارح في فصل ما يثبت به موجب القود ٩/ ٦٠.
(٥). وفاقا للنهاية وسكت المغني عن هذا التقييد، فإن ترافعوا إلينا حكمنا باعتقادنا .. الخ كما مر قبيل فصل أسلم وتحته أكثر من أربع ٧/ ٣٣٦ - ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>