للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الدعوى والبينات]

تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ فِي عُقُوبَةٍ كَقِصَاصٍ وَقَذْفٍ. وَإِنِ اسْتَحَقَّ عَيْنًا فَلَهُ أَخْذُهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً

[كتاب الدعوى والبينات]

الدعوى إخبار عن وجوب حق للمخبِر على غيره عند حاكم ليُلزمه به، والبينة هم الشهود; لأن بهم يتبين الحق. والأصل فيها قوله تعالى {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} النور: ٤٨، وخبر ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)).

(تشترط الدعوى عند قاض) أو محكم أو سيد (في) غير مال مما لا تسمع فيه شهادة الحسبة سواء أكان في غير عقوبة كنكاح ورجعة وإيلاء وظهار وعيب نكاح أو بيع أم في (عقوبة) لآدمي (كقصاص وحد قذف) ولا يجوز للمستحق الاستقلال به؛ لعظم خطره، أما عقوبة لله تعالى فهي وإن توقفت على القاضي أيضا لكن لا تسمع فيها الدعوى; لأنها ليست حقا للمدعي، نعم لقاذف أُريد حده الدعوى على المقذوف وطلب حلفه على أنه لم يزن ليسقط الحد عنه إن نكل. وما يوجب تعزيرا لحق الله تعالى تسمع الدعوى فيه إن تعلق بمصلحة عامة كطرح حجارة بطريق. ومر أنه لا يلزم الأداء عند نحو وزير إلا إذا توقف استيفاء الحق عليه، وحينئذ فالأداء لهذه الضرورة لا يستدعي توقفه على دعوى (١)، وقضية قوله ((يشترط)) أنه لو استوفاه بدون قاضٍ لم يقع الموقع وهو كذلك في حد القذف لا القود. وكل ما تقبل فيه شهادة الحسبة لا يحتاج فيه لدعوى -بل لا تسمع دعوى الحسبة في حدود الله إلا إن تعلق بها حق آدمي كما مر- ومنه قتل من لا وارث له أو قذفه؛ إذ الحق فيه للمسلمين، وقتل قاطع الطريق الذي لم يتب قبل القدرة عليه; لأنه لا يتوقف على طلب. وخرج بالعقوبة وما معها المال; لأن لمالكه ونحوه أخذه ظفرا من غير دعوى (٢) كما قال (وإن استحق) شخص (عينا) عند آخر بملك وكذا بنحو إجارة أو وقف أو وصية بمنفعة أو ولاية كأن غصبت عين لموليه وقدر على أخذها (فله أخذها) مستقلا به (إن لم يخف فتنة) عليه أو على غيره


(١). خلافا للمغني.
(٢). ذكر الشارح أن الزوجة لو كان لها عنده شيء من نفقتها أو كسوتها جاز أن تأخذه ظفرا بقصد الاستيفاء، ولا يشترط وجود بقية شروط الظفر ٩/ ١٣٠ - ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>