ذكر الفاكهي أن الشيخ ابن حجر رحمه الله مات عن تسعة من الأولاد من صلبه، خمسة ذكور وأربع إناث، أشهرهم:
أبو الخير محمّد، و وجيهُ الدين عبد الرّحمن الهيتمي، وأبو الفتح ابن أحمد بن حجر، ووالدةُ العلامة عبد العزيز الزمزمي سبط ابن حجر.
طلبه للعلم وتصدره للفتوى والتدريس
تقدّم أنّ والدَ الشيخ ابن حجر مات وولدُه صغير، فكفله جَدُّه المُعَمَّر، وكان قد حفظ القرآن الكريم و ((المنهاج)) للإمام النووي، ثمّ لما مات جدُّه كفله شَيْخا أبيه الإمامان العارفان شمس الدين ابن أبي الحمائل وشمس الدين الشناوي فبَالغا في رعايته.
ثمّ نَقله شيخُه الشّناوي إلى مقامِ الإمام العارفِ بالله السَّيد أحمدَ البَدّوي في طنطا، فقرأ هناك مبادئ العلوم على عالمين كانا به.
وفي سنةِ أربعٍ وعشرين وتسعمائة نَقَلَه الشناوي إلى الجامع الأزهر، وسنُّه إذاك نحو أربعة عشر سنة، وسلَّمه لرجلٍ صالحٍ من تلامذته فحفظه حفظاً بليغاً، وأقرأه متنَ ((المنهاج)) للإمام النووي وغيره، وجمعه بعلماء مصر مع صغر سنه.
وقرأ هناك أيضاً ((مختصر أبي شجاع)) المعروف بمتن ((الغاية والتقريب)) على شيخه أبي عبد الله محمّد الجويني ولازمه مدّة كما ذكر هو ذلك.
وفي الأزهر الشريف نبغ الشهابُ ابن حجر، حيث جَدَّ فيه واجتهد قراءةً وتحصيلاً على أئمته وعلمائه ممّن طبقت شهرتُهم الآفاق، فدار على حلقاتِ كثيرين منهم، طالباً جميع ما اشتُهر تدريسُه من العلوم، ومن أعظم من اجتمع به وأخذ عنه شيخُ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري، وكان الشيخ زكريا يدعو له كلّما لقيه، قال ابنُ حجر:((ما اجتمعتُ به قطُّ إلاّ قال: أسألُ الله أنْ يفقهك في الدّين)). وقّدْ حقّق الله تعالى هذه الدّعوةَ فيه حتى صار أفقهَ أهل عصره ومقدّماً فيه، عمدةَ الشافعية في أبحاثه وفتاويه.