للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَللهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ فِي الْأَظْهَرِ،

لخبر البخاري ((مَن نذر أن يطيع الله فليطعه))، وفي نحو إن شفي فعبدي حر لا يطالب بشيء; لأنه بمجرد الشفاء يعتق من غير احتياج لإعتاق بخلاف فعليَّ أن أعتقه، ويظهر أن المراد بالشفاء زوال العلة من أصلها وأنه لا بد فيه من قول عدلي طب، أو معرفة المريض ولو بالتجربة، وإنه لا يضر بقاء آثاره من ضعف الحركة ونحوه. ولو قال إن شُفي فعلي أن أعتق هذا امتنع بيعه بعد الشفاء (١) ووجب على الوصي فالقاضي إعتاقه عقب موته، فإن زاد على قوله المار بعد موتي فوصية. وخرج بيلتزم (٢) نحو إن شُفِي مريضي عمرت دار فلان أو مسجد كذا فهو لغو; لأنه وعد لا التزام فيه، نعم إن نوى به الالتزام انعقد. ولو شك بعد الشفاء في الملتزَم أهو صدقة أو عتق أو صوم أو صلاة اجتهد، فإن أيس من ظهور شيء وجب الكل، (وإن لم يعلقه بشيء كلله عليَّ صوم) أو علي صوم أو صدقة لفلان أو أن أعطيه كذا ولم يرد الهبة (٣) (لزمه) ما التزم حالا (في الأظهر)؛ للخبر السابق، وهذا من نذر التبرر إذ هو قسمان معلق وغيره، ولا يشترط في نذر التبرر التصريح بالله ويسمى المعلق نذر المجازاة أيضا. ولو قال لله عليّ أضحية أو عند نحو شفاءٍ لله علي عتق لنعمة الشفاء لزمه ذلك جزما تنزيلا للثاني منزلة المجازاة؛ لوقوعه شكرا في مقابلة نعمة الشفاء. ولا يشترط قبول المنذور له في قسمي النذر بل عدم ردّه، فإن رده فإن كان المنذور به ملتزما في الذمة بطل النذر (٤)، أما إن نذر التصدق بشيء معين فلا يتأثر بالرد؛ لأنه يزول ملكه عنه بالنذر.

[فروع] يقع لبعض العوام جعلت هذا للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيصح; لأنه اشتهر في النذر في عرفهم، ويصرف لمصالح الحجرة النبوية بخلاف متى حصل لي كذا أجيء له بكذا فإنه لغو ما لم يقترن به لفظ التزام أو نذر أو نيته، ولا نظر إلى أن النذر لا ينعقد بها; لأنه لا يلزم من النظر إليها في التوابع النظر إليها في المقاصد. ولا يشترط معرفة الناذر ما نذر به كخمس ما يخرج له من معشر ككل ولد أو ثمرة تخرج من أمتي هذه أو شجرتي هذه وكعتق عبد إن ملكته، والحاصل أنه يشترط في المال المعين لنحو صدقة أو عتق أن يملكه أو يعلقه بملكه ما لم ينو الامتناع منه فهو


(١). ولو أتلفه الناذر لم يضمنه بخلاف الأضحية المنذورة كما مر في بابها ٩/ ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٢). أي في المتن.
(٣). فإن أرادها فلغوٌ، والمراد بالهبة هنا ما قابل الصدقة.
(٤). واعتمد الشارح في الوقف أنه لا أثر للرد بعد القبول كعكسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>