ومبتدع إلا لعذر أو خوف مفسدة، وإلا على مصلٍّ وساجد ومُلبٍّ ومؤذن ومقيم وناعس وخطيب ومستمعه ومستغرق القلب بدعاء -إن شق عليه الرد أكثر من مشقة الرد على الآكل- ومتخاصمين بين يدي قاضٍ، (ولا جواب) يجب (عليهم) -إلا مستمع الخطيب فإنه يجب عليه- وذلك؛ لوضعه السلام في غير محله، بل يكره لقاضي حاجة ونحوه كالمجامع، ويسن للآكل، نعم يسن السلام عليه بعد البلع وقبل وضع اللقمة بالفم ويلزمه الرد، ولمن بالحمام ومُلَبٍّ ونحوهما باللفظ ولمصل ومؤذن بالإشارة وإلا فبعد الفراغ إن قرب الفصل. ويحرم على من سلم عليه نحو حربي أو مرتد. والأرجح ندبه على القارئ وإن اشتغل بالتدبر ووجوب الرد عليه، نعم إن استغرق التدبر قلبه وقد شق عليه ذلك لم يسن ابتداء ولا جواب; لأنه الآن بمنزلة غير المميز، بل ينبغي فيمن استغرقه هم كذلك أن يكون حكمه ذلك. ويسن عند التلاقي سلام صغير على كبير، وماشٍ على واقف أو مضطجع، وراكب عليهم، وقليلين على كثيرين; لأن نحو الماشي يخاف من نحو الراكب، ولزيادة مرتبة نحو الكبير على نحو الصغير. وخرج بالتلاقي الجالس والواقف والمضطجع فكل من ورد على أحدهم يسلم عليه مطلقا، ولو سلم كل على الآخر فإن ترتبا كان الثاني جوابا، أما إن كانا معاً فيلزم كُلاً الرد.
[تتمة] لا يستحق مبتدئ بنحو صبحك الله بالخير أو قواك الله جوابا، ودعاؤه له في نظيره حسن إلا أن يقصد بإهماله تأديبه; لتركه سنة السلام، وحني الظهر مكروه ومثله الانحناء بالرأس وتقبيل نحو رأس أو يد أو رجل لاسيما لنحو غني; لحديث ((من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه))، ويندب ذلك لنحو صلاح أو علم أو شرف; لأن أبا عبيدة قبَّل يد عمر رضي الله عنهما، ويسن القيام لمن فيه فضيلة ظاهرة من نحو صلاح أو علم أو ولادة أو نسب أو ولاية مصحوبة بصيانة عن مخالفة الشرع، أو لمن يُرجى خيره أو يُخشى من شره ولو كافرا خشي منه ضررا عظيما لا يحتمل عادة، ويكون على جهة البر والإكرام لا الرياء والإعظام، ويحرم على الداخل أن يحب قيامهم له; للحديث الحسن ((من أحب أن يتمثل الناس له قياما فليتبوأ مقعده من النار))، أي أحب قيامهم واستمراره وهو جالس، أو طلباً للتكبر على غيره، أما من أحبه جودا منهم عليه لما أنه صار شعارا للمودة فلا حرمة فيه. ولا بأس بتقبيل وجه طفل رحمة ومودة; لخبر البخاري ((أنه -صلى الله عليه وسلم- قبل ابنه إبراهيم))، ومحرم كذلك; لأن أبا بكر قبل