للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْنَى الرَّدِّ: أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرُّجُوعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ، وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لَا التَّصْرِيحُ. وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا لَزِمَهُمُ الْوَفَاءُ، فَإِنْ أَبَوْا فَقَدْ نَقَضُوا، وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ شَرْطِ أَلَّا يَرُدُّوا

إليه (ومعنى الرد) هنا (أن يخلي بينه، وبين طالبه) كما في الوديعة ونحوها، (ولا يجبر على الرجوع) مع طالبه؛ لحرمة إجبار المسلم على إقامته بدار الحرب، (ولا يلزمه) أي المطلوب (الرجوع) مع طالبه، بل يجوز له إن خشي فتنة، وذلك; لأنه لم يلتزمه إذا العاقد غيره، ولهذا لم ينكر -صلى الله عليه وسلم- على أبي بصير امتناعه ولا قتله لطالبه بل سَرّه ذلك، ومن ثم سُن أن يُقال له سِرا لا ترجع وإن رجعت فاهرب متى قدرت، (و) جاز (له قتل الطالب) كما فعل أبو بصير، (ولنا التعريض له به) كما عرَّض عمر لأبي جندل رضي الله عنهما بذلك (لا التصريح) ; لأنهم في أمان، نعم من جاءنا مسلما بعد الهدنة يجوز له التصريح للمطلوب بقتل طالبه; لأنه لم يتناوله الشرط. (ولو شرط) عليهم (أن يردوا من جاءهم مرتدا منا لزمهم الوفاء) به حرا كان أو ذكرا أو ضده؛ عملا بالتزامهم (فإن أبوا فقد نقضوا) العهد؛ لمخالفتهم الشرط، والرد هنا أيضا بمعنى التخلية، (والأظهر جواز شرط ألا يردوا) من جاءهم مرتدا منا من الرجال والنساء; لأنه -صلى الله عليه وسلم- شرط في صلح الحديبية ((من جاءنا منكم رددناه ومن جاءكم منا فسحقا سحقا))، وحينئذ لا يلزمهم الرد وكذا إن أطلق العقد.

[فرع] يجوز شراء أولاد المعاهدين منهم لا سبيهم، ومر أن المشتري لا يملكهم بشرائه بل بالاستيلاء عليهم فما بذله إنما هو في مقابلة تمكينه لا غير، وعليه فيلزم تخميسه أو تخميس فدائه إن اختاره الإمام بخلاف نحو شراء نحو أخيه ممن لا يعتق عليه بذلك منه فيصح ويملكه المشتري ولا يلزم تخميس.

[تنبيه] لو كان بيد الكفار أسير للمسلمين وجب للصلح معهم أن يشترط عليهم رده وإلا لم يصح إلا إن اضطررنا إليه. أما لو كان ثمة أسير عند غيرهم وهم قادرون على تخليصه وجب اشتراط ما مر إلا أنه يصح عقد الصلح معهم وإن لم نضطر إليه، فإن قبلوا شرطنا ثم أبوا تخليصه انتقض عهدهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>