للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَبْعَثَ بِهِ مُزَكِّيًا ثُمَّ يُشَافِهُهُ المُزَكِّيَ بِمَا عِنْدَهُ، وَقِيلَ تَكْفِي كِتَابَتُهُ. وَشَرْطُهُ كَشَاهِدٍ مَعَ مَعْرِفَتِةِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلَ، وَخِبْرَةُِ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ لِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ، ..

(ويبعث به) أي المكتوب (مزكيا (١) أي اثنين مع كلٍّ نسخةٌ مخفية عن الآخر. ويسن أن يكون بعثهما سرا، وأن لا يعلم كلا بالآخر.

[تنبيه] المراد بالمزكي هنا مبعوث الإمام ويسمى صاحب المسألة، وليس هو المزكي للشهود الآتي في قول المصنف (ثم) بعد السؤال والبعث (يشافهه المزكي بما عنده) من جرح فيسن له إخفاؤه، ويقول زدني في شهودك، وتعديل فيعمل به، ثم هذا المزكي إن كان شاهد أصل فواضح وإلا اشترط في الأصل عذر يُجَوِّز الشهادة على الشهادة. ولو ولي صاحب المسألة الحكم بالجرح والتعديل اكتفي بقوله فيه; لأنه حاكم، (وقيل تكفي كتابته) أي المزكي إلى القاضي بما عنده، (وشرطه كشاهد) في كل ما يشترط فيه، أما مَن نُصِب للحكم بالتعديل والجرح فشرطه كقاض، ومحله إن لم يكن في واقعة خاصة وإلا فكما مر في الاستخلاف (مع معرفة) المزكي لكل من (الجرح والتعديل) وأسبابهما؛ لئلا يجرح عدلا ويزكي فاسقا، ومثل المزكي في اشتراط المعرفة الشاهدُ بالرشد، نعم يكفي في هذا أن يشهد بأنه صالح لدينه ودنياه لكن إن عرف صلاحهما الذي يحصل به الرشد في مذهب الحاكم ولم يكن ثَمَّ احتمال يقدح في ذلك الإطلاق وإلا لم يكف ولو من الموافق للقاضي في مذهبه; لأن وظيفة الشاهد التفصيل لا الإجمال (٢) (و) مع (خبرةُِ) المرسول إليه أيضا بحقيقة (باطن من يعدله لصحبة أو جِوار أو معاملة) قديمة كما قاله عمر -رضي الله عنه- لمن عدَّل عنده شاهدا. ويقبل قولهم في خبرتهم بذلك، أما غير القديمة من تلك الثلاثة كأن عرفه في أحدها من نحو شهرين فلا يكفي، ويغني عن خبره ذلك أن تستفيض عنده عدالته من الخبراء بباطنه، أو يتكرر ذلك على سمعه مرة بعد أخرى بحيث يخرج عن حد التواطؤ لا شهادة عدلين؛ لاحتمال التواطؤ إلا إن شهد على شهادتهما. وخرج بمن يعدله من يجرحه فلا يشترط خبرة باطنه؛ لاشتراط تفسير الجرح.


(١). اعترض المغني هنا على المتن ورد الشارح ذلك الاعتراض.
(٢). نعم أعتمد الشارح في الشهادات أن محل قبول الإطلاق إن كان من فقيهين يقظين موافقين لمذهب الحاكم بحيث لا يتطرق إليها تهمة ولا جزم بحكم فيه خلاف في الترجيح كما يأتي ١٠/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>