للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

مُوجَبُ الْعَمْدِ الْقَوَدُ، وَالدِّيَةُ بَدَلٌ عِنْدَ سُقُوطِهِ، وَفِي قَوْلٍ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ عَلَى الدِّيَةِ بِغَيْرِ رِضَا الجَانِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ فَالمَذْهَبُ لَا دِيَةَ

(فصل) في موجب العمد وفي العفو

وهو سنة مؤكدة وبغير مال أفضل، وذلك للآيات والأحاديث منها خبر البيهقي وغيره ((ما رفع إليه -صلى الله عليه وسلم- قصاص قط إلا أمر فيه بالعفو)) (موجَب العمد) المضمون في نفس أو غيرها (القوَد) بعينه، وهو القصاص (والدية) في النفس وأرش غيرها (بدل) عنه (عند سقوطه (١) بنحو موت أو عفو عنه عليها (وفي قول) موجبه (أحدهما مبهما) فالواجب هو القدر المشترك بينهما في ضمن أي معين منهما، وقد يتعين القود ولا دية كما مر في قتل مرتد مرتدا وفيما لو استوفى ما يقابل الدية ولم يبق له إلا حزّ الرقبة، وقد تتعين الدية كما في قتل الوالد لولده والمسلم لذمي، وقد لا يجب إلا التعزير والكفارة كما في قتل قنه (وعلى القولين للولي) يعني المستحق (عفو) عن القود في نفس، أو طرف (على الدية)، أو نصفها مثلا (بغير رضا الجاني) ; لأنه مستوفىً منه كالمحال عليه والمضمون عنه. ولأحد المستحقين العفو بغير رضا الباقين; لأن القود لا يتجزأ، ومن ثم لو عُفِي عن بعض أعضاء الجاني سقط عن كله كما أن تطليق بعض المرأة تطليق لكلها، ومنه يؤخذ أن كل ما يقع الطلاق بربطه به من غير الأعضاء يقع العفو بربطه به وما لا فلا. ولو قال الحاني للمستحق خذ الدية بدل القود فأخذها ولو ساكتا سقط حقّه منه؛ لرضاه ببدله (٢)، (وعلى الأول) الأظهر (لو أطلق العفو) عن القود ولم يتعرض للدية ولا اختارها عقب العفو (فالمذهب لا دية) ; لأن القتل لا يوجبها والعفو إسقاط ثابت لا إثبات معدوم، وقوله تعالى {فَاتِّبَاعٌ} البقرة: ١٧٨ أي للمال محمول على العفو


(١). ولذا لم تكن نحو يد وجب قطعها قودا غير محترمه؛ لاحتمال العفو كما ذكره الشارح في التيمم ١/ ٣٤٤.
(٢). عبارة علي الشبراملسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>