للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبِرَّ بِهَذَا. أَوْ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ، قُلْتُ: الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ، وَاَللهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ فَارَقَهُ أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَكَانَا مَاشِيَيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوِ احْتَالَ عَلَى غَرِيمٍ ثُمَّ فَارَقَهُ أَوْ أَفْلَسَ فَفَارَقَهُ لِيُوسِرَ حَنِثَ،

(أو ليضربنه مائة مرة) أو ضربة (لم يبر بهذا) أي المشدودة أو العثكال; لأنه جعل العدد مقصودا، ولا يشترط هنا تواليها (أوْ لا) أخليك تفعل كذا حُمِل على نفي تمكينه منه بأن يعلم به ويقدر على منعه منه. أوْ لا (أفارقك حتى أستوفي حقي) منك (فهرب) يعني ففارقه المحلوف عليه ولو بغير هرب كما يعلم مما يأتي (ولم يمكنه اتباعه لم يحنث) بخلاف ما إذا أمكنه اتباعه فإنه يحنث (قلت الصحيح لا يحنث إذا أمكنه اتباعه والله أعلم) ; لأنه إنما حلف على فعل نفسه فلم يحنث بفعل الغريم سواء أمكنه اتباعه أم لا. ولو فارقه هنا بإذنه لم يحنث أيضا، ولو أراد بالمفارقة ما يعمهما حنث.

[تنبيه] لو حلف لا يُطْلِق غريمه حنث بإذنه له في المفارقة (١) بخلاف عدم إتباعه المقدور عليه إذا هرب (وإن فارقه (٢) الحالف بما يقطع خيار المجلس ولو بمشيه بعد وقوف الغريم مختارا ذاكرا (أو وقف) الحالف (حتى ذهب المحلوف عليه وكانا ماشيين) حنث؛ لأن المفارقة حينئذ منسوبة للحالف، أما إذا كانا ساكنين فابتدأ الغريم بالمشي فلا حنث مطلقا كما مر (٣) (أو أبرأه) حنث; لأنه فوَّت البر باختياره (أو احتال) به (على غريم) لغريمه أو أحال به على غريمه (ثم فارقه) أو حلف ليعطينه دينه يوم كذا ثم أحاله به أو عوضه عنه حنث; لأن الحوالة ليست استيفاء ولا إعطاء حقيقة وإن أشبهته، نعم إن نوى أنه لا يفارقه وذمته مشغولة بحقه لم يحنث كما لو نوى بالإعطاء أو الإيفاء براءة ذمته من حقه، ويقبل في ذلك ظاهرا وباطنا، ولو تعوّض أو ضمنه له ضامن ثم فارق لظنه أن التعويض أو الضمان كاف حنث؛ لأن جهله بالحكم لا يعذر به (أو أفلس ففارقه ليوسر حنث)؛ لوجود المفارقة منه وإن لزمته كما لو قال لا أصلي الفرض فصلاَّه فإنه يحنث، نعم لو ألزمه الحاكم بمفارقته لم يحنث


(١). ومثله كما مر في الطلاق ما لو أخرجه من الحبس.
(٢). قضيته أنه لا حنث بمجرد الإبراء والحوالة خلافا لشرح الروض في الأول ولصنيع المنهج فيهما.
(٣). خلافا للنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>