للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنِ اسْتَوْفَى وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، لَكِنَّهُ أَرْدَأُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ عَالِمٌ، وَفِي غَيْرِهِ الْقَوْلَانِ

كالمكره، وإنما أثر العذر في نحو لا أسكن فمكث لنحو مرض; لأن الحنث فيها باستدامة الفعل لا بإنشائه وهي أضعف فتأثرت به بخلاف ما هنا، والحاصل أن من خص يمينه بفعل المعصية أو أتى بما يعمها قاصدا دخولها أو قامت قرينة عليه حنث بها وإلا فلا، ومن ذلك ما لو حلف لا يفارقه ظانا يساره فبان إعساره فلا يحنث بمفارقته.

[فرع] لو حلف لا يرافقه من مكة إلى مصر فرافقه في بعض الطريق حنث حيث لا نية; لأن المتبادر من هذه الصيغة ما اقتضاه وضعها اللغوي؛ إذ الفعل في حد النفي كالنكرة في حيزه. ولو حلف لا يكلمه مدة عمره فإن أراد مدة معلومة دُيِّن وإلا اقتضى ذلك استغراق المدة من انتهاء الحلف إلى الموت فمتى كلمه في هذه المدة حنث (وإن استوفى وفارقه فوجده) أي ما أخذه منه (ناقصا) نُظِر (إن كان جنس حقه لكنه أردأ) منه (لم يحنث) ; لأن الرداءة لا تمنع الاستيفاء (وإلا) يكن جنس حقه كأن كان دراهم فخرج المأخوذ مغشوشا (حنث عالم) بذلك عند المفارقة; لأنه فارقه قبل الاستيفاء (وفي غيره) وهو الجاهل به حينئذ (القولان) في حنث الجاهل أظهرهما لا حنث. ولو حلف ليقضين فلانا دينه يوم كذا فأعسر ذلك اليوم لم يحنث إن لم يقدر على الوفاء بوجه من الوجوه من أول المدة التي حلف عليها إلى آخرها كاليوم في مسألتنا. والأوجه فيما لو سافر الدائن قبلها وقد قال لأقضينك أو لأقضين فلانا عدم الحنث؛ لفوات البر بغير اختياره، ولا يكلف إعطاء وكيله أو القاضي; لأنه مجاز فلا يحمل الحلف عليه من غير قرينة، ولا ينافيه ما لو قال لأقضينك حقك إلى الحادي عشر فإن الحالف يحنث إذا سافر الدائن بعد التمكن من الإيفاء مطلقا (١)؛ لأنه يتبادر من اللفظ أن المدة كلها من حين الحلف إلى تمام الحادي عشر ظرف للإيفاء المحلوف عليه، نعم إن قال أردت أن الحادي عشر هو الظرف للاستيفاء صدق بيمينه؛ لاحتماله، ووجه عدم المنافاة; أن لأقضينك غدا صريح في أن الغد هو الظرف للإيفاء بخلاف صورتي الحادي عشر فلم يؤثر السفر قبل الغد في تلك وأثر في هاتين على ما تقرر. والأوجه أن موت الدائن كسفره فيما مر فيه، فإن كان بعد التمكن حنث وإلا فلا، ولا أثر لقدرته على الدفع للوارث; لأنه خلاف المحلوف عليه، ومن


(١). أي سافر قبل الحادي عشر أو فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>