(باب الإحصار) وهو المنع عن إتمام أركان الحج أو العمرة أو هما، فلو مُنع من الرمي أو المبيت لم يجز له التحلل; لأنه متمكن منه بالطواف والحلق ويقع حجه مجزئا عن حجة الإسلام، ويجبر كلّ من الرمي والمبيت بدم (والفوات) أي للحج؛ إذ العمرة لا تفوت إلا تبعا لحج القارن (مَن أحصر) أي مُنع عن المضي في نسكه ولم يجد طريقا آخر يمكنه سلوكه، فإن وجده ولو بحرا غلبت فيه السلامة ووجدت شروط الاستطاعة لزمه سلوكه وإن علم الفوات ويتحلل بعمرة، ويستوي في المانِع الكافر والمسلم وإن أمكنه قتاله أو بذل مال له (تحلل) جوازا؛ لقوله تعالى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} البقرة: ١٩٦. والأولى للمعتمر وحاج اتسع زمن إحرامه الصبر إن رجا زوال الإحصار، نعم إن غلب على ظنه انكشاف العدو وإمكان الحج أو قبل ثلاثة أيام في العمرة امتنع تحلله؛ لقلة المشقة حينئذ، أما إذا خشي فوات الحج لو صبر فالأولى التحلل؛ لئلا يدخل في ورطة لزوم القضاء له. وشمل كلامه الحصر عن الوقوف دون البيت وعكسه لكن يلزمه في الأول أن يدخل مكة ويتحلل بعمرة، وفي الثاني أن يقف ثم يتحلل أي ما لم يغلب على ظنه انكشاف العدو قبل ثلاثة أيام، ولا قضاء فيهما على تفصيل فيه وفي لزوم دم الإحصار (١)، وتقدم أنه متى حاضت أو نفست قبل الطواف ولم يمكنها الإقامة للطهر -لنحو خوف على نفسها- أنها تسافر فإذا وصلت لمحل يتعذر وصولها منه لمكة تحللت بالنية والذبح والحلق، (وقيل لا تتحلل الشرذمة) القليلة، والأصح أن الحصر لخاص ولو لواحدٍ كأن حُبِس ظلما -ولو بدين يعجز عنه- كالعام، وفارق نحوُ المحبوسِ المريضَ بأن الحبس يمنعه إتمام نسكه حسا بخلاف المرض.
(١). فلو أحصر في الحج أو العمرة فلم يتحلل وجامع لزمته البدنة والقضاء، وأيضا لو أفسده بجماع ثم أحصر تحلل ويلزمه دم الإفساد ودم الإحصار والقضاء فلو لم يتحلل حتى فاته الوقوف لزمه ثلاثة دماء للإفساد والطواف و الإحصار، أفاده في المجموع، ويأتي صور يلزم القضاء فيها للفوات فقط، وقد أطلق الروض والنهاية والمغني عدم القضاء.