(أو) وهبت (لهن) أو أسقطت حقها (سوى) بين الباقيات وجوبا; لأنها صارت كالمعدومة (أو) وهبت (له فله التخصيص) بواحدة منهن; لأن الحق صار له فيضعه حيث شاء مراعيا ما مر في الموالاة (وقيل يسوي) ; لأن التخصيص يورث الإيحاش. وعلم مما تقرر أن هذه الهبة ليست على قواعد الهبات، ومن ثم لم يشترط رضا الموهوب لها وجاز (١) للواهبة الرجوع متى شاءت فيخرج لها إذا رجعت أثناء ليلتها وإلا قضى من حين الرجوع. ولو أخذت على حقها عوضا لزمها رده; لأنه ليس عينا ولا منفعة فلا يقابل بمال لكن يقضي لها; لأنها لم تسقط حقها مجانا، ومر أن ما فات قبل علم الزوج برجوعها لا يُقضَى، وواضح أنه لا تصح هبة رجعية قبل رجعتها.
(فصل) في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه
إذا (ظهر أمارات نشوزها) كخشونة جواب بعدَ لينٍ، وتعبيس بعد طلاقة، وإعراض بعد إقبال (وعظها) ندبا، أي حذَّرها عقاب الدنيا بالضرب وسقوط المؤن والقسم، وعقاب الآخرة بالنار قال تعالى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} النساء: ٣٤، ويذكر لها أن الملائكة تلعنها إذا هجرت زوجها (بلا هجر) ولا ضرب؛ لاحتمال أن لا يكون نشوزا فلعلها تعتذر أو تتوب، وحَسُن أن يستميلها بشيء، والمراد نفي هجر يفوتها حقها من نحو قسم؛ لحرمته حينئذ بخلاف هجرها في المضجع فإنه يجوز; لأنه حقه كما مر. (فإن تحقق نشوز) كمنع تمتع وخروج لغير عذر (ولم يتكرر وعظ وهجر) ندبا (في المضجَِع) أي الوطء أو الفراش؛ لظاهر الآية، لا في الكلام؛ لحرمته لكل أحد فيما زاد على ثلاثة أيام إلا إن قصد به ردها عن المعصية وإصلاح
(١). ظاهره أنه عطف على قوله: ((لم يشترط))، لكن ذكراه على وجه الاستئناف.