للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ، وَفَسَّرَ بِتَفْرِيقِهَا عَلَى أَقْرَاءٍ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الجَمْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُدَيَّنُ، وَيُدَيَّنُ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْتُ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ

وخرج بقولنا ((الثلاث)) ما لو أوقع أربعا فإنه يحرم ويعزر (١)؛ لأنه تعاطى نحو عقد فاسد وهو حرام (ولو قال أنت طالق ثلاثا) واقتصر عليه (أو ثلاثا للسنة وفسَّر) في الصورتين (بتفريقها على أقراء لم يقبل) ظاهرا; لأنه خلاف ظاهر لفظه من وقوعهن دفعة في الأولى، وكذا في الثانية إن كانت طاهرا، وإلا فحين تطهر، وعندنا لا سنة في التفريق (٢) (إلا ممن يعتقد تحريم الجمع) أي جمع الثلاث في قرء واحد كالمالكي، فإذا رفع لشافعي قبله ظاهرا في كل من تينك الصورتين; لأن ظاهر حاله أنه لا يفعل محرما في معتقده (والأصح أنه) أي من لا يعتقد ذلك (يُدَيِّن) ; لأنه لو وصل ما يدعيه باللفظ لانتظم، ومعنى التديين أن يقال لها حرمتِ عليه ظاهرا وليس لكِ مطاوعته إلا إن غلب على ظنِّك صدقه بقرينة، وحينئذ يلزمها تمكينه ويحرم عليها النشوز ويُفرِّق بينهما القاضي من غير نظر لتصديقها، ويقال له لا نمكنك منها وإن حلت لك فيما بينك وبين الله تعالى إن صدقت، وهذا معنى قول الشافعي -رضي الله عنه- له الطلب وعليها الهرب. ولو استوى عندها صدقه وكذبه كره لها تمكينه، وإن ظنت كذبه حرم عليها تمكينه، ولا تتغير هذه الأحوال بحكم قاض بتفريق ولا بعدمه؛ تعويلا على الظاهر فقط؛ لما يأتي أن محل نفوذ حكم الحاكم باطنا إذا وافق ظاهر الأمر باطنه، ولها إذا كذبته أن تنكح بعد العدة من لم يصدق الزوج، لا من صدقه ولو بعد الحكم بالفرقة (ويدين من قال أنت طالق وقال أردت إن دخلت أو إن شاء زيد)؛ لما مر ولا يقبل منه دعوى ذلك ظاهرا. وخرج به إن شاء الله فلا يدين فيه; لأنه يرفع حكم اليمين جملة فينافي لفظها مطلقا، والنية لا تؤثر حينئذ بخلاف بقية التعليقات فإنها لا ترفعه بل تخصصه بحال دون حال.

[تنبيه] يتحصل من كلامهم أنه لو فسره بما يرفع الطلاق من أصله كأردت طلاقا لا يقع أو إن شاء الله أو إن لم يشأ أو إلا واحدة بعد ثلاثا أو إلا فلانة بعد أربعتكن لم يدين، أو ما يقيده أو يصرفه لمعنى آخر أو يخصصه كأردت إن دخلت أو من وثاق أو إلا فلانة بعد كل


(١). خلافا لهما في الحرمة والتعزير.
(٢). خلافا للمغني وشرح الروض.

<<  <  ج: ص:  >  >>