للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ،

يعتقد الإباحة كما يجب دفع الصبي عنه وإن كان غير مكلف، فإن أكرهت فلا إثم، وإن وطئت فوطء شبهة; لأن أبا حنيفة -رضي الله عنه- يجعلها منكوحة بالحكم. أما ما باطن الأمر فيه كظاهره فإن لم يكن في محل اختلاف المجتهدين كالتسليط على الأخذ بالشفعة الذي لم يترتب على أصل كاذب نفذ باطنا أيضا، وكذا إن اختلف فيه كشفعة الجوار فينفذ باطنا أيضا، ومن ثم حل للشافعي طلبها من الحنفي وإن لم يقلد أبا حنيفة; لأن من عقيدة الشافعي أن النفوذ باطنا يستلزم الحل فلم يأخذ محرما في اعتقاده، ومن ثم لم يجز للحنفي منعه من طلبها وجاز للشافعي الشهادة بها لكن لا بصيغة أشهد أنه يستحقها; لأنه كذب كما أن له حضور نكاح بلا ولي إن قلد أو أراد حفظ الواقعة، نعم ليس له دعوى ولا شهادة على مرتد عند من لا يرى قبول توبته; لأن أمر الدماء أغلظ، وجاز أيضا لحاكم شافعي أُنْهِِي إليه ما لا يراه من أحكام مخالفيه تنفيذها وإلزام العمل بها، فلو فسخ نكاح امرأة أو خولعت مرارا وحكم حنبلي بصحة أحدهما ثم رفعت أمرها للشافعي ليزوجها في الأولى من آخر و في الثانية من زوجها من غير محلل جاز ذلك. و كحكم المخالف فيما ذكر إثباته إن كان معتقده أنه حكم. ولا أثر لكون المخالف يعتقد أن الحكم إنما ينفد ظاهرا فقط بل العبرة في هذا باعتقاد المُنْهَى إليه كالشافعي، ويفرق بأن هذا هو المبيح للإقدام على العمل بقضية حكم المخالف فنظر لاعتقاد الثاني في هذا بخصوصه دون ما عداه (ولا يقضي) أي لا يجوز له القضاء (بخلاف علمه (١) بالإجماع) وذلك كما إذا شهدا برِق أو نكاح أو ملك من يعلم حريته أو بينونتها أو عدم ملكه; لأنه قاطع ببطلان الحكم به حينئذ، والحكم بالباطل محرم، ولا يجوز له القضاء في هذه الصورة بعلمه; لمعارضة البينة له مع عدالتها ظاهرا، ولا يلزم من علمه خلاف ما شهدا به تعمدهما المفسق لهما.

[فرع] عُلم مما مر أن مَن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثا فتزوجها وحكم له شافعي بصحة النكاح أو موجبه تضمن الحكم إبطال ذلك التعليق وإن لم يذكره في حكمه؛


(١). اعتمد الشارح في الفتح أن المراد به ظنه المؤكد ٤/ ٤٠٤، ولعل مراد الشارح في التحفة إذ تبرأ من هذا أن المراد ما يشمل العلم والظن.

<<  <  ج: ص:  >  >>