للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب قاطع الطريق]

هُوَ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ لَهُ شَوْكَةٌ، لَا مُخْتَلِسُونَ يَتَعَرَّضُونَ لِآخِرِ قَافِلَةٍ يَعْتَمِدُونَ الهَرَبَ، وَاَلَّذِينَ يَغْلِبُونَ شِرْذِمَةً بِقُوَّتِهِمْ قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ، لَا لِقَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ، وَحَيْثُ يَلْحَقُ غَوْثٌ لَيْسَ بِقُطَّاعٍ،

(باب قاطع الطريق (١))

الأصل فيه قوله تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} المائدة: ٣٣ .. الآية (هو مسلم) لا حربي وهو واضح; لأنه غير ملتزم لأحكامنا فلا يضمن نفسا ولا مالا، ومثله في عدم كونه قاطعا المعاهد والمستأمن، ولا ذمي ولا مرتد (مكلف) أو سكران مختار ولو قنا وامرأة، فلا عقوبة على صبي ومجنون ومكره وإن ضمنوا النفس والمال (له شوكة) أي قوة وقدرة ولو واحدا يغلب جمعا أو يساويهم وقد تعرَّض للنفس أو البضع أو المال مجاهرا (لا مختلسون يتعرضون لآخر قافلة) مثلا (يعتمدون الهرب)؛ لانتفاء الشوكة فحكمهم قودا وضمانا كغيرهم، والفرق أن ذا الشوكة يُعَزُّ دفعه بغير السلطان فغلظت عقوبته؛ ردعا له بخلاف نحو المختلس. (والذين يغلبون شرذمة بقوتهم قطاع في حقهم)؛ لاعتمادهم على الشوكة بالنسبة إليهم (لا لقافلة عظيمة)؛ إذ لا قوة لهم بالنسبة إليهم فالشوكة أمر نسبي، فلو فقدت الشوكة بالنسبة لجمع يقدرون على دفعهم لكن استسلموا لهم حتى قتلوهم وأخذوا أموالهم لم يكونوا قطاعا; لأنهم مضيعون فلم يصدر ما فعله أولئك عن شوكتهم بل عن تفريط الآخرين كذا أطلقوه والمعتمد أنهم قطاع؛ لأن الأوجه أنّ مجرد العدد والعدة لا تحصل الشوكة بل لا بد معه من اتفاق الكلمة ومطاع وعزم على القتال وهذا شأن القطاع لا القوافل، وعليه فالشوكة يكفي فيها فرض المقاومة بتقدير اجتماع الكلمة وما مر معه، فمتى كان احتمال غلبة القطاع غير نادرة في حقهم كفى في إثبات عقوبة القاطع في حقهم غَلبوا أم غُلبوا؛ لحصول إخافة السبيل بهم، (وحيث يلحق غوث) يمنع شوكتهم لو استغاثوا (ليسوا بقطاع) بل منتهبون


(١). ولبعض القافلة أن يشهدوا على قطاع الطريق أنهم قطعوا الطريق وتقبل شهادتهم ما لم يقولوا: ((علينا))، ذكره الشارح قبيل الشركة ٥/ ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>