للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، وَلَا وَاجِبٍ،

ينذر كل للآخر بمتاعه ففعلا صح وإن زاد المبتدئ إن نذرت لي بمتاعك وكثيرا ما يفعل ذلك فيما لا يصح بيعه ويصح نذره. ويصح تعجيل المنذور المعلق بعد التعليق وقبل وجود الصفة كما مر. ويصح إبراء المنذور له الناذر عما في ذمته وإن لم يملكه حيث جاز له المطالبة به كما يصح إسقاط حق الشفعة، وسيأتي أنه لا يصح ممن لا يدري معناه، ومحله إن جهله بالكلية بخلاف ما إذا عرف أنه يفيد نوع عطية مثلا. ونذر قراءة جزء قرآن أو علم مطلوب كل يوم صحيح ولا حيلة في حَلِّه، ولا يجوز له تقديم وظيفة يوم عليه فإن فاتت قضى. ولو نذر عمارة هذا المسجد وكان خرابا فعمره غيره بطل نذره؛ لتعذر نفوذه، نعم إن نوى عمارته وإن خرِب بعد لزمته (ولا يصح نذر معصية (١)؛ لخبر مسلم ((لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم))، وكأن سبب انعقاد نذر عتق المرهون من موسر مع حرمة إعتاقه له وإن نفذ أن الخلاف في عدم الحرمة قوي; لأن حق الغير ينجبر بالقيمة والملك للمعتق فأي وجه للحرمة حينئذ. ولو نذر أن يصلي في مغصوب لم ينعقد، وكالمعصية المكروه لذاته أو لازمه -كصوم الدهر الآتي، وكنذر ما لا يملك غيره وهو لا يصبر على الإضاقة- لا لعارض (٢) كصوم يوم الجمعة، وكنذره لأحد أبويه أو أولاده فقط، وقيل لا يصح، ومحل الخلاف حيث لم يسن إيثار بعضهم، أما إذا نذر للفقير أو الصالح أو البار منهم فيصح اتفاقا.

[تنبيه] لو نذر مقترض مالا معينا لمقرضه كل يوم ما دام دينه في ذمته فالأوجه (٣) أنه لا يصح إن قصد أن نذره ذلك في مقابلة الربح الحاصل له؛ لأنه حينئذٍ ليس قربة بل وسيلة إلى الربا، أما إذا جعله في مقابلة حدوث نعمة ربح القرض إن اتجر فيه، أو اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في ذمته لإعسار أو إنفاق فيصح كما لو أطلق (ولا) نذر (واجب) عيني كصلاة الظهر، أو مخير كأحد خصال كفارة اليمين مبهما بخلاف خصلة معينة منها (٤)، أو واجب (٥) على


(١). وأشار الشارح في الإجارة إلى بطلان إن نذر أن يقرأ جنبا، ولو نذر القراءة فقرأ جنبا لم يجزه ٦/ ١٦٠.
(٢). خلافا للمغني.
(٣). خلافا للنهاية تبعا لوالده فاعتمد الصحة مطلقا.
(٤). تبرأ من ذلك في التحفة، وجزم به في الفتح، واعتمد النهاية أنه لا ينعقد إلا أعلاها والمغني أنه لا ينعقد بالكلية.
(٥). عطف على واجب عيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>