للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا لَوْ وَهَبَتْهُ النِّصْفَ فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ، وَفِي قَوْلٍ النِّصْفُ الْبَاقِي وَفِي قَوْلٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَدَلِ نِصْفِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِ الْبَاقِي وَرُبُعِ بَدَلِ كُلِّهِ،

(وعلى هذا) الأظهر (لو وهبته النصف) ثم أقبضته له (فله نصف الباقي) وهو الربع (وربع بدله كله)؛ لأن الهبة وردت على مطلق النصف فتشيع فيما أخرجته وما أبقته (وفي قول النصف الباقي، وفي قول يتخير بين بدل نصف كله) المراد نصف بدل كله (أو) بمعنى الواو (نصف الباقي وربع بدل كله)؛ لئلا يلحقه ضرر التشطير إذ هو عيب.

[تنبيه] ما صححوه هنا من الإشاعة هو من جزئيات قاعدة الحصر والإشاعة، وهي قاعدة مهمة تحتاج لمزيد تأمل؛ لدقة مداركهم التي حملتهم على ترجيح الحصر تارة والإشاعة أخرى، ويتضح بذكر مثال لكل من جزئياتها مع توجيهه بما يتضح به نظائره، فهي أربعة أقسام:

ما نزلوه على الإشاعة قطعا كأن يكون له في ذمته عشرة وَزْناً فيعطيها له عَدَّاً فيزيد واحدا غلطاً فيشيع في الكل الإحدى عشر ويضمنه (١)؛ لأنه قبضه لنفسه، ولذا فمن طلب اقتراض ألف وخمسمائة فوزن له ألفا وثمانمائة غلطا ثم ادعى المقترض تلف الثلاثمائة بلا تقصير لكون يده يد أمانة لزمه منها مائتان وخمسون؛ لأن جملة الزائد أشيع في الباقي فصار المضمون من كلٍّ مائة خمسة أسداسها، وسدسها أمانة، فالأمانة من الزائد خمسون لا غير، ويوجه القطع بالإشاعة هنا بأن ليد المستولية على الزائد المنبهم لا يمكن تخصيصها ببعضه؛ لعدم المرجح إذ لا مقتضى للضمان أو الأمانة قبلها حتى يحال الأمر عليه.

وما نزلوه على الإشاعة على الأصح كما هنا ويوجه بأن التشطير وقع بعد الهبة فرفع بعضها فلزمت الإشاعة؛ لعدم المرجح، وكبيع صاع من صبرة تعلم صيعانها فينزل على الإشاعة كما مر؛ لأن البعضية المنبثة في الصبرة التي أفادتها ((مِن)) ظاهرة في ذلك، وقيل على الحصر حتى لو صبت عليها صبرة أخرى ثم تلف الكل إلا صاعا تعين، وكما إذا أقر بعض الورثة بدين فيشيع حتى لا يلزمه إلا قدر حصته؛ عملا بقضية كون الإقرار إخبارا عما لزم الميت فلم يلزمه منه إلا بنسبة إرثه إلى مجموع التركة.


(١). أي الواحد الشائع في الكل فيصير المضمون من كل واحد جزأ من أجزائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>