[تقريظ العلامة أحمد بن عبد العزيز الحداد مفتي دبي]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي وفق من أحبَّهُ للتفقه في الدين، وأكرم من أطاعه من عباده المؤمنين، وأضاء له طريق الحق المبين، فجعله من أهل اليمين.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الأنبياء والمرسلين، وسيد خلق الله أجمعين، الذي أنار لنا طريق الهداية، وحذرنا من طرق الغواية، فكانت قدوتنا به خير غاية، وعلى آله وصحبه وتابعيهم إلى يوم النهاية.
أما بعد: فإن التفقه في الدين منة الله تعالى على من أراد الله تعالى به الخير من المؤمنين، به يُستنار الطريق، ويقوم دين الله تعالى على التحقيق، وتفتح به آفاق الدنيا، ويدرك به نعيم الآخرة، كما يشير لذلك قوله سبحانه {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} التوبة: ١٢٢؛ فجعل الفقهاء منذرين كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وقد خلفه في هذه المهمة فقهاء الأمة، الذين يبصرون ويرشدون، ويرغبون ويبشرون وينذرون، فكانوا خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على التحقيق كما قال عليه الصلاة والسلام:(( .. إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا، ولا درهما، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر))؛ لذلك كانت منزلتهم عند الله كبيرة، ومكانتهم في المجتمعات خطيرة، فقد جعلهم الله تعالى في مصاف الملائكة الكرام في الاستشهاد، فشهدوا له بالوحدانية بغير عناد، وكانوا أهل خشيته من العباد، وميَّزهم عن غيرهم من سائر السواد، فكانوا أكرم الخلق على الله؛ لأنهم أهل تقواه، وورثة مصطفاه، لاسيما أهل الفقه منهم، الذين لهم مزية الخيرية على لسان خير البرية؛ لما لهم من إدراك الحقائق، والسير على أقوم الطرائق، وما لهم من شديد العلائق بكل