للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَخٍ وَصَدِيقٍ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ، وَهُوَ مَنْ يُبْغِضُهُ بِحَيْثُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ، وَيَحْزَنُ بِسُرُورِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ، وَتُقْبَلُ لَهُ، وَكَذَا عَلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ دِينٍ كَكَافِرٍ وَمُبْتَدِعٍ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ

على الآخر قطعا إلا شهادته بزناها; لأنه يشهد بجناية على محل حقه فأشبه الجناية على عبده (ولأخ وصديق والله أعلم)؛ لضعف التهمة (ولا تقبل من عدو) على عدوه عداوة دنيوية ظاهرة؛ للخبر الصحيح فيه ولأنه قد ينتقم منه بشهادة باطلة عليه، ومن ذلك أن يشهدا على ميت بعين فيقيم الوارث بينة بأنهما عدوان له -أي للوارث- فلا يقبلان عليه; لأنه الخصم في الحقيقة إذ التركة ملكه. وفي حكم عدوا الوارث عدوا الميت (١)؛ لأن المشهود عليه بالحقيقة الميت.

[تنبيه] تقبل الشهادة من ولد العدو الذي لم يُعْلَم حاله؛ لأنه لا يلزم من عداوة الأب عداوة الابن، أما معلوم الحال من عداوة أو عدمها فحكمه واضح (وهو من يبغضه بحيث يتمنى زوال نعمته ويحزن بسروره ويفرح بمصيبته)؛ لشهادة العرف بذلك. وقد تمنع العداوة الشهادة من الجانبين ومن أحدهما فلو عادى من يريد أن يشهد عليه وبالغ في خصومته فلم يجبه قبلت شهادته عليه.

[تنبيه] كل من نَسَبَ آخر إلى فسق اقتضى وقوع عداوة بينهما كزنا وقطع طريق لا تقبل من أحدهما على الآخر شهادة، بل ترد منهما إذا اغتاب أحدهما الآخر بمفسق تجوز له الغيبة به وإن أثبت السبب المجوز لذلك، (وتقبل له) حيث لم تصل إلى حَسَدٍ مُفَسِّقٍ؛ لانتفاء التهمة (وكذا) تقبل (عليه في عداوة دين ككافر) شهد عليه مسلم (ومبتدع) شهد عليه سني; لأنها لَمَّا كانت لأجل الدين انتفت التهمة عنها. ومن أبغض فاسقا لفسقه أو قدح فيه بما هو واجب عليه كفلان لا يحسن الفتوى قبلت شهادته عليه. (وتقبل شهادة) كل (مبتدع) هو من خالف في العقائد ما عليه أهل السنة مما كان عليه أهل السنة مما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ومن بعدهم. والمراد بهم في الأزمنة المتأخرة إماماها أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي وأتباعهما (لا نكفره) ببدعته (٢) وإن سب الصحابة -رضي الله عنهم- أو استحل أموالنا ودماءنا; لأنه على


(١). خلافا لظاهر سكوت النهاية عن ذلك.
(٢). واقتضت فسقهم تعاريف الكبيرة؛ لأن ذلك بالنسبة للآخرة، لا لأحكام الدنيا كما أشار إليه الشارح في كتاب البغاة ٩/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>