للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَلَا لَكِنِ الْعِبَادَةُ أَفْضَلُ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ وَبِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ دَائِمٍ أَوْ تَعْنِينٍ كُرِهَ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَيُسْتَحَبُّ دَيِّنَةٌ بِكْرٌ نَسِيبَةٌ لَيْسَتْ قَرَابَةً قَرِيبَةً،

(وإلا) يفقد الأهبة مع عدم حاجته له (فلا) يكره له؛ لقدرته عليه ومقاصده لا تنحصر في الوطء، بل بحث جمع ندبه (١) لحاجة صلة وتآنس وخدمة، وعليه فيفرق بينه وبين ما يأتي فيمن به علة مزمنة بأن هذا قادر على الوطء فلا يخشى فساد زوجته بخلاف ذاك (لكن العبادة) أي التخلي لها من المتعبد (أفضل) منه; لأن ذات العبادة أفضل من ذات النكاح قطعا، وإن أمكن كون النكاح عبادة؛ إذ يثاب متى سن له فعله ولم يوجد منه صارف، أو لم يسن له وقصد به طاعة كولد وإلا فلا (قلت: فإن لم يتعبد فالنكاح أفضل) -أي فاضل؛ لأنه لا فضل في البطالة- (في الأصح) من البطالة؛ لئلا تفضي به إلى الفواحش (فإن وجد الأهبة وبه علة كهرم أو مرض دائم أو تعنين) كذلك بخلاف من يعن وقتا دون وقت (كره) له النكاح (والله أعلم)؛ لعدم حاجته مع عدم تحصين المرأة المؤدي غالبا إلى فسادها. ولو طرأت هذه الأحوال بعد العقد لم تلحق بالابتداء؛ لقوة الدوام.

[تنبيه] ما اقتضاه سياق المتن من أن تلك الأحكام لا تأتي في المرأة غير مراد فيندب لمحتاجة له لنحو توقان أو حاجة للنفقة أو خوف من اقتحام فجرة وإلا كره، ومَن لا يندفع عنها الفجرة إلا به يجب في حقّها، ولا دخل للصوم فيها. ولو علمت من نفسها عدم القيام بحقوق الزوج ولم تحتج للنكاح حرم عليها (ويستحب دَيِّنَة) بحيث توجد فيها صفة العدالة لا العفة عن الزنا فقط؛ للخبر المتفق عليه ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)). وهل الأَولى مسلمة تاركة للصلاة أو كتابية المتجه أن الأَولى لقوي الإيمان والعلم الكتابية؛ لأمنه من فتنتها وقرب سياسته لها إلى أن تسلم، ولغيره تلك؛ لئلا تفتنه (بكرٌ)؛ للأمر به، نعم الثيب أولى لعاجز عن الافتضاض ولمن عنده عيال يحتاج لكاملة تقوم عليهن. ويسن أن لا يزوج بنته البكر (٢) إلا من بكر لم يتزوج قط; لأن النفوس جبلت على الإيناس بأول مألوف، ولا ينافيه ما تقرر من ندب البكر ولو للثيب؛ لأن ذاك فيما يسن للزوج وهذا فيما يسن للولي (نسيبةٌ) أي معروفة الأصل طيبته؛ لنسبتها إلى العلماء والصلحاء، وتكره بنت الزنا والفاسق (ليست قرابة قريبة)؛ لأن الولد يأتي نحيفاً، والمراد بالقريبة من هي في


(١). اعتمده المغني لا النهاية.
(٢). أسقط المغني والأسنى قوله: ((البكر)).

<<  <  ج: ص:  >  >>