(ومن فاته الوقوف تحلل) فورا وجوبا؛ لئلا يصير محرما بالحج في غير أشهره، فلو استمر على إثمه ببقاء إحرامه إلى العام القابل لم يجزئه؛ لأن إحرام سنة لا يصلح لإحرام سنة أخرى، ثم إن لم يمكنه عمل عمرة تحلل بما مر في المحصر، وإن أمكنه وجب، وله تحللان: أولهما يحصل بواحد من الحلق أو الطواف المتبوع بالسعي إن لم يقدمه وسقط الرمي بفوات الوقوف، وثانيهما يحصل (بطواف وسعي) بعده إن لم يكن سعى بعد القدوم (وحلق) مع نية التحلل بالثلاثة؛ لما صحّ عن عمر -رضي الله عنه- أنه أفتى بذلك، ولا يلزمه مبيت بمنى ولا رمي، وما أتى به لا ينقلب عمرة؛ لأن إحرامه انعقد بنسك فلا ينصرف لغيره (وفيهما) أي الآخران (قول) أنهما يسقطان؛ لأن السعي يجوز تقديمه عقب طواف القدوم فلا دخل له في التحلل، والحلق استباحة محظور، (وعليه دم) كما مر (و) عليه إن لم ينشأ الفوات من الحصر (القضاء) للتطوع فورا؛ لأثر عمر -رضي الله عنه- بهما. أما الفرض فهو باقٍ في ذمته كما كان (١) من توسيع أو تضيق.
[تنبيه] يلزمه الإحرام بالقضاء من مكان الإحرام بالأداء على التفصيل السابق في قضاء الفاسد؛ لقوله في المجموع نقلا عن الأصحاب:((وعلى القارن القضاء قارنا، ويلزمه ثلاثة دماء دم الفوات ودم القران الفائت، ودم ثالث للقران المأتي به في القضاء، ولا يسقط هذا عنه بالإفراد في القضاء؛ لأنه توجه عليه القران ودمه فلا يسقط عنه بتبرعه بالإفراد)) انتهى. وأما إذا نشأ الفوات عن الحصر كأن أُحصر فسلك طريقا آخر ففاته لصعوبة الطريق أو طوله وقد ألجأه نحو العدو إلى سلوكها أو صابر الإحرام متوقعاً زوال الحصر فلم يزل حتى فات الحج فتحلل بعمرة لم يقض؛ لأنه بذل ما في وسعه كالمحصر.
والله تعالى أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(١). وفاقا للروض وخلافا لصريح شرح المنهج والمغني ولإطلاق النهاية.