للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَمَاتَ، أَوْ رَمَى شَجَرَةً فَأَصَابَهُ فَخَطَأٌ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا

(فإن فقد) قصدهما أو (قصد أحدهما) أي الفعل وعين الإنسان (١) (بأن) أي كأن (وقع عليه) أي الشخص المراد به الإنسان (فمات، أو رمى شجرة) مثلا أو آدميا (فأصابه) أي أصاب غير من قصده فمات، أو رمى شخصا ظنه شجرة فبان إنسانا ومات (فخطأ) وهذا مثال لفقد قصد الشخص دون الفعل.

[تنبيه] سيعلم من كلامه أن مِن الخطأ أن يتعمد رمي مهدر فيعصم قبل الإصابة؛ تنزيلا لطرو العصمة منزلة طرو إصابة من لم يقصده (وإن قصدهما) أي الفعل والشخص أي الإنسان (بما لا يقتل غالبا) وكذا لو قصدهما بما يقتل غالبا لكنه لم يقصد عين الشخص وذلك بأن قصد واحدا غير معين (فشبه عمد (٢) -ويسمى خطأ عمد وعمد خطأ وخطأ شبه عمد- سواء أقتل كثيرا أم نادرا كضربة يمكن عادة إحالة الهلاك عليها بخلافها بنحو قلم أو مع خفتها جدا وكثرة الثياب فهدر (ومنه الضرب بسوط أو عصا) خفيفين (٣) لم يوال ولم يكن بمقتل ولا كان البدن نضوا ولا اقترن بنحو حَرٍّ أو صِغَرٍ وإلا فعمد كما لو خنقه فضعف وتألم حتى مات؛ لصدق حده عليه، وكالتوالي ما لو فرق وبقي ألم كل إلى ما بعده، نعم إن أبيح له أول الضرب فقد اختلط شبه العمد بالعمد فلا قود، ولك أن تقول لا يرد (٤) على طرده تعزير ونحوه فإنه إنما جعل خطأ مع صدق الحد عليه؛ لأن تجويز الإقدام له ألغى قصده، ولا على عكسه (٥) قول شاهدين رجعا لم نعلم أنه يقتل بقولنا فإنه إنما جعل شبه عمد مع قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا; لأن خفاء ذلك عليهما مع عذرهما به صيَّره غير قاتل غالبا. وإذا


(١). وتقدم في الرهن أنه لا دية لحرة موطوءة بشبهة ماتت بالإيلاد بخلاف أمة موطوءة كذلك ٥/ ٧٦.
(٢). ومنه ما لو أشار إلى إنسان بسكين تخويفا له فسقطت عليه من غير قصد كما يفهم من كلام الشيخ ابن حجر.
(٣). وقيده الشارح في فصل شروط قود الأطراف بشرط أن لا يوضحه فيسري الجرح إلى الموت وإلا كان عمدا.
(٤). وجه الورود أنه يصدق عليه أنه قصد الفعل والشخص بما لا يقتل غالبا وليس شبه عمد بل خطاء كما في المغني.
(٥). أي لأن حكمه حكم شبه العمد مع وجود قصد الشخص والقتل بما يقتل غالبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>