للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً بِمَقْتَلٍ فَعَمْدٌ وَكَذَا بِغَيْرِهِا إنْ تَوَرَّمَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الحَالِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَقِيلَ عَمْدٌ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ، وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ فَلَا شَيْءَ بِحَالٍ. وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ

تقررت الحدود الثلاثة (فلو غرز إبرة) ببدن نحو همٍّ (١) أو نضوٍ أو صغير أو كبير وهي مسمومة (٢) ولو بغير مقتل أو (بمقتَل) كدماغ وعين وحلق وخاصرة وإحليل ومثانة وعجاب -وهو ما بين الخصية والدبر- (فعمد) وإن لم يكن معه ألم ولا ورم؛ لصدق حده عليه نظرا لخطر المحل وشدة تأثره (وكذا) يكون عمدا غرزها (بغيرها) كألية وورك (إن تورم) ليس بقيد (وتألم) تألما شديدا دام به (حتى مات)؛ لذلك (فإن لم يظهر أثر) بأن لم يشتد الألم أو اشتد ثم زال (ومات في الحال) أو بعد زمن يسير عرفا (فشبه عمد) كالضرب بسوط خفيف (وقيل عمد) كجرح صغير، ويُردُّ بوضوح الفرق (وقيل لا شيء) من قود ولا دية إحالة للموت على سبب آخر، ويرد بأنه تحكم (ولو غرزها فيما لا يؤلم كجلدةِ عقبٍ) فمات (فلا شيء بحال) ; لأن الموت عقبه موافقة قدر. وخرج بما لا يؤلم ما لو بالغ في إدخالها فإنه عمد. وإبانة فلقة لحم خفيفة وسقي سم يقتل كثيرا لا غالبا كغرزها بغير مقتل. وقياس ما مر أن ما يقتل نادرا فيه التفصيل المذكور (ولو) منعه من سد محل الفصد أو دخن (٣) عليه فمات، أو (حبسه) كأن أغلق بابا عليه (ومنعه الطعام والشراب) أو أحدهما (والطلب) لذلك، أو عرَّاه (حتى مات) جوعا أو عطشا أو بردا (فإن مضت مدة) من ابتداء منعه أو إعرائه (يموت مثله فيها غالبا جوعا أو عطشا) أو بردا ويختلف باختلاف حال المحبوس والزمن قوة وحرا وضدهما، وحدَّ الأطباء الجوع المهلك غالبا باثنين وسبعين ساعة متصلة، ولا عبرة بما زاد على ذلك ولو بالنسبة لمن اعتاد ذلك التقليل; لأن العبرة في ذلك بما من شأنه القتل غالبا (فعمد)؛ إحالة للهلاك على هذا السبب الظاهر. وخرج ((بحبسه)) ما لو أخذ بمفازة قوته أو لبسه أو ماءه وإن علم أنه يموت، و ((بمنعه)) ما لو امتنع من تناول ما عنده وعلم به خوفا أو حزنا، أو امتنع من طعام خوف عطش، أو امتنع من طلب ذلك، أي وقد جوَّز أنه يجاب فلا قود بل ولا ضمان في


(١). أي هرم.
(٢). قيدٌ في الكبير فقط، علي الشبراملسي.
(٣). بأن حبسه في بيت وسد منافذه فاجتمع عليه الدخان وضاق نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>