الحر; لأنه لم يحدث فيه صنعا في الأول وهو القاتل لنفسه في البقية، وكذا لو أمكنه الهرب بلا مخاطرة فتركه (وإلا) تمضي تلك المدة ومات بالجوع مثلا لا بنحو هدم (فإن لم يكن به جوع وعطش) أي أو عطش لقوله (سابق) على حبسه (فشبه عمد) وعُلم من كلامه السابق أنه لا بد من مضي مدة يمكن عادة إحالة الهلاك عليها (وإن كان) به (بعض جوع) أ (وعطش وعلم الحابس الحال فعمد)؛ لشمول حده السابق له؛ إذ الفرض أن مجموع المدتين بلغ المدة القاتلة وأنه مات بذلك (وإلا) يعلم الحال (فلا) يكون عمدا (في الأظهر) ; لأنه لم يقصد إهلاكه ولا أتى بمهلك بل شبهه، فيجب نصف ديته؛ لحصول الهلاك بالأمرين، وفارق مريضا ضربه ضربا، وكان ذلك الضرب يقتله فقط مع جهله بحاله فإنه عمد مع كون الهلاك حصل بالضرب بواسطة المرض فكأنه حصل بهما بأن الثاني هنا من جنس الأول فصح بناؤه عليه ونسبة الهلاك إليهما بخلافه ثم فإنه من غير جنسه فلم يصلح كونه متمما له، وإنما هو قاطع لأثره فتمحضت نسبة الهلاك إليه (ويجب القصاص بالسبب) -كالمباشرة وهي ما أثَّر التلف وحصله- وهو ما أثر في التلف فقط، ومنه منع نحو الطعام السابق، والشرط ما لا يؤثر في التلف ولا يحصله وإنما حصل التأثير عنده بغيره المتوقف تأثيره عليه كالحفر مع التردي فإن المفوت هو التخطي صوب البئر والمحصل هو التردي فيها المتوقف على الحفر، ومن ثم لم يجب به قود مطلقا، وسيعلم من كلامه أن السبب قد يغلبها وعكسه (١) وأنهما قد يعتدلان. ثم السبب إما حسي كالإكراه وإما عرفي كتقديم الطعام المسموم إلى الضيف وإما شرعي كشهادة الزور (فلو شهدا) على آخر (بقصاص) أي موجبه في نفس أو طرف أو بردة أو سرقة (فقتل) أو قطع بأمر الحاكم بشهادتهما (ثم رجعا) عنها ومثلهما المزكيان والقاضي (وقالا تعمدنا الكذب) فيها وعلمنا أنه يقتل بها أو قال كلٌّ تعمدت أو زاد ولا أعلم حال صاحبي (لزمهما القصاص) فإن عفي عنه فدية مغلظة؛ لتسببهما إلى إهلاكه بما يقتل غالبا، وموجبه مركب من
(١). قال الشارح في كتاب الغصب: ((ومحل قولهم المباشرة مقدمة على السبب حيث لم يكن السبب ملجأ))، وسيأتي أن محل تقديمها إذا اضمحل ما معها كالممسك على القائل.