للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لثبوت ملك الغائب. والحاصل أن المُقِر متى زعم أنه وكيل الغائب احتاج في ثبوت الملك للغائب إلى إثبات وكالته وأن العين ملك الغائب، فإن أقامها بالملك فقط لم تسمع إلا لدفع التهمة عنه، وكذا (١) لو ادعى لنفسه حقا فيها كرهن مقبوض وإجارة فتسمع بينته أنها ملك فلان الغائب; لأن حقه لا يثبت إلا إن ثبت ملك الغائب فيثبت ملكه بهذه البينة.

[تنبيهان]

الأول/ قال المدعى عليه هي لي وفي يدي فأقام المدعي بينة وحكم الحاكم له بها ثم بان أنها ليست في يد المدعى عليه فالذي يتجه أنه لا ينفذ إن كان ذو اليد حاضرا وينفذ إن كان غائبا ووجدت شروط القضاء على الغائب.

الثاني/ عُلم مما مر أن من يدعي حقا لغيره وليس وكيلا ولا وليا لا تسمع دعواه، ومحله إن كان يدعي حقا لغيره غير منتقل إليه بخلاف ما إذا كان منتقلا منه إليه، أو كان عينا لمدينه له بها تعلق (٢)، فمن الأول -أي غير المنتقل- ما لو اشترى أمة ثم أراد أن يثبت على بائعه أنه أقر بأنها مغصوبة من فلان بخلاف ما لو ادعى فساد البيع؛ لإقراره قبله بغصبها؛ لأنه هنا يثبت حقا لنفسه هو فساد البيع، وإنما سمعت بينته بإقراره قبل البيع أنها عتيقة; لأنه لا يثبت حقا لآدمي، ومنه (٣) دعوى دائن ميتة أن لها مهرا على زوجها ودعوى زوجة دينا لزوجها فلا تسمعان وإن كان لو ثبت ذلك تعلق به حق الدائن ونفقتها في الثانية. ومن الثاني ما لو اشترى سهما شائعا من ملك وأثبت في غيبة البائع أن ما اشتراه منه هو الذي خصه من تركة أبيه فادعى أخوه أن أبانا وهبني ذلك الملك كله هبة لازمة وأقام بينة بذلك فأقام المشتري شاهدا بأن الأب رجع في الهبة سمعت دعواه وبينته -فيحلف مع شاهده-; لأنه يدعي ملكا لغيره منتقلا منه إليه كالوارث فيما يدعيه لمورثه بخلاف غريم الغريم، ومنه ما لو أقر من له أخ بملك لابنه فلان ثم مات فادعى الأخ أنه الوارث وأن المقر ببنوته وُلِد على


(١). وفاقا للنهاية وخلافا للروض وشرحه والمغني.
(٢). أي بخلاف الدين كما فرق بينهما الشارح في الفصل الآتي ١٠/ ٣١٨.
(٣). نعم ذكر الشارح في كتاب التفليس جواز الحجر على غريم مفلس وكان ذلك المفلس محجوراً عليه ميتاً فيجوز الحجر من غير التماس الغرماء؛ نظراً لمصلحته، قال: ((ولا ينافيه قولهم لا يحلف غريم مفلس نكل وميت نكل وارثه ولا يدعي ابتداء؛ لأن ما نحن فيه أمر تابع وهو يغتفر فيه ما لا يغتفر في المقصود)). ٥/ ١٢٢ - ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>