للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَافِرٍ. وَدَفْعُهَا سِرًّا، وَفِي رَمَضَانَ، وَلِقَرِيبٍ، وَجَارٍ أَفْضَلُ

باعث المعطي الحياء منه أو من الحاضرين ولولاه لما أعطاه فهو حرام إجماعا ويلزمه رده)) ا هـ، وحيث حرم الأخذ لم يملك ما أخذه; لأن مالكه لم يرض ببذله له. و يكره سؤال مخلوق بوجه الله؛ لخبر ((لا يسأل بوجه الله إلا الجنة))، نعم سؤال المخلوق بوجه الله ما يؤدي إلى الجنة كتعليم خير لا يكره، وسؤال الله بوجهه ما يتعلق بالدنيا يكره، (وكافر) ولو حربيا؛ لخبر الصحيحين ((في كل كبد رطبة أجر)). (ودفعها سرا) أفضل منه جهرا؛ لآية {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} البقرة: ٢٧١. وإبداؤها ليقتدي به غيره لا لغرض آخر حسن بل قال ابن عبد السلام إنه لمقصد صالح أفضل، وسبقه إليه الغزالي بشرط أن لا يتأذى الآخذ بالإظهار، أما الزكاة فإظهارها أفضل إجماعا (و) دفعها (في رمضان) لاسيما عَشْره الأُخر أفضل؛ لخبر أبي داود ((أيُّ صدقة)) أفضل قال ((في رمضان)) ولعجز الفقراء عن التكسب فيه، ويليه عشر الحجة، وفي الأماكن الشريفة كمكة ثم المدينة وعند الأمر المهم كغزو وحج ومرض وسفر وكسوف واستسقاء أفضل، وليس المراد بذلك أن من أراد صدقة يسن له تأخيرها لشيء مما ذكر بل الاعتناء عند وجود ذلك بالإكثار منها فيه; لأنه أعظم أجرا وأكثر فائدة (أو) دفعها (لقريب) سواء لزمته نفقته أوْ لا، والأفضل تقديم الأقرب فالأقرب من المحارم ثم الزوج أو الزوجة ثم غير المحرم -والرحم من جهة الأب ومن جهة الأم سواء- ثم محرم الرضاع ثم المصاهرة ثم المولى من أعلى ثم من أسفل، ويجري ذلك في نحو الزكاة أيضا إذا كانوا بصفة الاستحقاق، والعدو من الأقارب أولى؛ لخبر فيه، وألحق به العدو من غيرهم (و) دفعها بعد القريب إلى (جار أفضل) منه لغيره، فعلم أن القريب البعيد الدار في البلد أفضل من الجار الأجنبي، وفي غيرها الجار أولى منه؛ بناء على منع نقل الزكاة، وأهل الخير والمحتاجون أولى من غيرهم مطلقا.

[فرع] يكره الأخذ ممن بيده حلال وحرام كالسلطان الجائر، وتختلف الكراهة بقلة الشبهة وكثرتها، ولا يحرم إلا إن تيقن أن هذا من الحرام الذي يمكن معرفة صاحبه أي ليرده عليه وإلا فبدله، وإنما لم يحرم وإن غلب على الظن أنه ربا; لأن الأصل المعتمد في الأملاك اليد ولم يثبت لنا فيه أصل آخر يعارضه فاستصحب ولم يبال بغلبة الظن، ويجوز الأخذ من الحرام بقصد رده على مالكه إلا إن كان مفتيا أو حاكما أو شاهدا فيلزمه التصريح بأنه إنما يأخذه للرد على مالكه؛ لئلا يسوء اعتقاد الناس في صدقه ودينه فيردون فتياه وحكمه وشهادته

<<  <  ج: ص:  >  >>