طهر محلّها بما بعدها وإلا فكل جرية قليلة مرت عليها نجسة حتى يقف الماء (والقلتان) ذراع وربع تقريباً بذراع الآدمي في كل بُعْدٍ ويساوي تقريبا شبرين، و المدور ذراع من سائر الجوانب بذراع الآدمي وذراعان عمقاً بذراع النجار وهو ذراع وربع (خمسمائة رِطل بغدادي) أي قلّتين هجريّتين، وقد قدَّر الشافعي -رضي الله عنه- القلة منها -أخذا من تقدير شيخه ابن جريج الرائي لها- بقربتين ونصف بقرب الحجاز والواحدة منها غالبا لا تزيد على مائة رطل بغدادي (تقريباً) فلا يضر نقص رطلين فأقل (في الأصح) وقيل تحديد، لكنّ هذا إفراط. (والتغير المؤثر بطاهر أو نجس طعم أو لون أو ريح) ولا يشترط اجتماعها، و لا يؤثر غيرها كحرارة، و لو وُجد في الماء وصف لا يكون إلا لنجاسة لم ينجس؛ لاحتمال أن تغيره تروّح (١)، ولا ينافيه ما لو وقع في الماء الكثير نجس لم يغيره حالاً بل بعد مدّة فإنه يسأل أهل الخبرة -و لو واحداً- فإن جزم أنه منه فينجس وإلا فلا؛ لتحقق الوقوع هنا لا ثَمَّ، وعليه فإن علم في المسألة الأولى أن لا نجاسة ثَم يحتمل تروحه بها أمكن أن يقال بالنجاسة. ولو وقع في ماء كثير نجس وطاهر فتغيّر فإن أحتمل أن التغيّر من أحدهما فقط فله حكمه وإن شك فإن ترتبا في الوقوع وتأخر التغير عنهما أسندناه إلى الثاني، وإن وقعا معا أو مرتّباً ولم يعلم ذلك الترتيب لم يؤثر؛ لأن الأصل طهارة الماء، ولو خالط الطاهرُ النجسَ قبل وقوعهما في الماء تنجّس؛ لأن التغيّر به كالنجس، ولذا قالوا أن دخان النجاسة ودخان المتنجس حكمهما واحد، نعم إن خالط النجس ماء ووضع هذا المختلط في ماء كثير يوافقه فرضنا النجس وحده؛ لأن الماء الثاني من جنس الأول و ماء مثله، أما إذا وقعت النجاسة في مائع ثم في ماء كثير فنفرض الكل؛ لأن الجميع صار نجاسة.
(١). تروح الماء إذا أخذ ريح غيره لقربه منه، مختار الصحاح.