للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا لِسَائِرِ الْأُصُولِ عَلَى المَشْهُورِ. وَشَرْطُ رُجُوعِهِ بَقَاءُ المَوْهُوبِ فِي سَلْطَنَةِ المُتَّهَبِ فَيَمْتَنِعُ بِبَيْعِهِ

قبل صرفه في ذلك انتقل لورثته ملكا مطلقا؛ لزوال التقييد بموته، أو بشرط أن يشتري بها ذلك بطل الإعطاء من أصله; لأن الشرط صريح في المناقضة لا يقبل تأويلا بخلاف غيره. (وللأب الرجوع (١) في هبة ولده (٢) -عينا بالمعنى الأعم الشامل للهدية والصدقة- وإن كان الولد فقيرا صغيرا مخالفا له دينا؛ للخبر الصحيح ((لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده))، ويكره له الرجوع إلا لعذر كأن كان الولد عاقا أو يصرفه في معصية فلينذره به فإن أصر لم يكره. وبُحث ندبه في العاصي وكراهته في العاق إن زاد عقوقه وندبه إن أزاله وإباحته إن لم يفد شيئا، وعدم كراهته إن احتاج الأب له لنفقة أو دين بل ندبه إن كان الولد غنيا عنه، ووجوبه في العاصي إن تعين طريقا في ظنه إلى كفه عن المعصية، وامتناعه في صدقة واجبة كزكاة ونذر وكفارة وكذا في لحم أضحية تطوع; لأنه إنما يرجع ليستقل بالتصرف وهو فيه ممتنع. ولا رجوع في هبة بثواب بخلافها بلا ثواب وإن أثابه عليها ولا فيما لو وهبه دينا عليه إذ لا يمكن عوده بعد سقوطه، ويجوز الرجوع في بعض الموهوب ولا يسقط بالإسقاط، وله الرجوع فيما أقر بأنه لفرعه إن فسره بالهبة، ولو وهب وأقبض ومات فادعى وارثه كونه في المرض والمتهب كونه في الصحة صدق المتهب، ولو قدما بينتين قدمت بينه الوارث؛ لأنها معها زيادة علم، (وكذا لسائر الأصول) من الجهتين وإن علوا الرجوع كالأب فيما ذكر (على المشهور) كما في عتقهم ونفقتهم وسقوط القود عنهم، ويختص الرجوع بالواهب فلا يجوز لأبيه لو مات ولم يرثه فرعه الموهوب له (وشرط رجوعه بقاء الموهوب في سلطنة المتهب) -أي استيلائه- وكونه غير متعلق به حق لازم يمنع البيع وإن طرأ عليه حجر سفه (فيمتنع) الرجوع (ببيعه) كله وكذا بعضه بالنسبة لما باعه وإن كان الخيار باقيا للولد (٣)، نعم يجوز إن كان البيع من أبيه الواهب وخياره باق. ولو وهبه مشاعا


(١). ذكر الشارح في الوكالة عن الغزالي أنه لو كان بيد ابن الميت عين فقال وهبنيها أبي وأقبضنيها في الصحة فأقام باقي الورثة بينة برجوعه في هبته ولم تذكر البينة ما رجع فيه لم تنزع من يده؛ لاحتمال أن هذه العين ليست المرجوع عنها … الخ ٥/ ٣٣٨.
(٢). ولو كانت أمة تحل للولد وفرق بينها الشارح وبين إعارة الجواري للوطء في القرض ٥/ ٤٣.
(٣). خلافا لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>