للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسُهُ، وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسُهُ

التعليق عند الإيقاع قُبِل ظاهرا؛ لاعتضاد ذلك القصد بالقرينة السابقة. (والإعتاق) أي كلُّ لفظ صريح له أو كناية (كناية طلاق وعكسه) أي كل لفظ للطلاق صريح أو كناية كناية في العتق؛ لدلالة كل منهما على إزالة ما يملكه، نعم هذا أغلبي فقوله أنا منك حر أو أعتقت نفسي لعبد أو أمة أو اعتدي أو استبرئي رحمك لعبد لغوٌ وإن نوى العتق؛ لعدم تصور معناها فيه بخلاف نظائرها هنا؛ إذ على الزوج حَجْر من جهتها، وكذا قوله تَقَنَّع وتَسَتَّر للعبد؛ لبعد مخاطبته به عادة، ونحو أنت لله ويا مولاي ويا مولاتي لا يكون كناية هنا. وقول السيد بانت مني أو حَرُمَت عليَّ كناية في الإقرار بالعتق. وقوله لوليها زوِّجها إقرار بالطلاق، أي وبانقضاء العدة إن لم تكذبه فإن كذبته لزمتها العدة؛ مؤاخذة لها بإقرارها. وقول الزوج للزوجة تزوجي ولوليها زوجنيها كناية بخلاف زوِّجها فإنه صريح، نعم مجرد طلب الزوج على صورة عقد ثانٍ لاحتياط مثلا لا يكون صريحا بل ولا كناية فيه (١). ولو قيل له يا زيد فقال امرأة زيد طالق لم تطلق زوجته إلا إن أرادها، ولو قال امرأة مَن في السكة طالق وهو فيها طلقت (٢). وأفتى ابن الصلاح في إن غبت عنها سنة فما أنا لها بزوج بأنه إقرار في الظاهر بزوال الزوجية بعد غيبة السنة فلها بعدها ثم بعد انقضاء عدتها تزوج غيره، وأفتى أبو زرعة في الطلاق ثلاثا من زوجتي تفعل كذا بأنه إن نوى إيقاعه بتقدير عدم الفعل وقع; لأن اللفظ يحتمله بتقدير كائن أو واقع عليَّ وإلا فلا، ونظير ما أفتى به أبو زرعة ما لو قال ((الطلاق منك ما تزوجت عليك)) فهو كناية بتقدير الطلاق واقع علي منك إن تزوجت عليك؛ إذ هذا يحتمله اللفظ احتمالا ظاهرا. ولو طلبت الطلاق فقال اكتبوا لها ثلاثا فكناية كقوله زوجتي الحاضرة طالق وهي غائبة، (وليس الطلاق كناية ظهار وعكسه) وإن اشتركا في إفادة التحريم؛ لإمكان استعمال كلٍّ في موضوعه فلا يخرج عنه للقاعدة المشهورة أن ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون صريحا ولا كناية في غيره، وسيأتي في أنت طالق كظهر أمي أنه لو نوى بظهر أمي طلاقا آخر وقع; لأنه وقع تابعا فمحل ما هنا في


(١). هذا حاصل ما ذكره الشارح قبيل التفويض.
(٢). خلافا للنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>