للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتَدِّي، اسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، الحَقِي بِأَهْلِكِ، حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، لَا أَنْدَهُ سَِرْبَكِ، اُعْزُبِي، اُغْرُبِي، دَعِينِي، وَدِّعِينِي، وَنَحْوِهَا،

البين وهو الفرقة وإن زاد بعده بينونة لا تحلين بعدها لي أبدا كما مر (اعتدي استبرئي رحمك) -ولو لغير موطوءة- طلقت نفسي (إلحَقي (١) بأهلك) أي; لأني طلقتك (حبلك على غاربك) أي خليت سبيلك كما يخلى البعير بإلقاء زمامه في الصحراء على غاربه وهو ما تقدم من الظهر وارتفع عن العنق (لا أنده) أي أزجر (سَِرْبك) والسرب الإبل وما يرعى من المال (أعزبي) أي تباعدي عني (أغربي) أي صيري غريبة أجنبية مني (دعيني) أي اتركيني (ودِّعيني ونحوها) من كلِّ ما يشعر بالفرقة إشعارا قريبا كتجردي تزودي اخرجي سافري تقنعي تستري برئت منك الزمي أهلك لا حاجة لي فيك أنت وشأنك أنت ولية نفسك وسلام عليك وكلي واشربي وأوقعت الطلاق في قميصك وبارك الله لك لا فيك. وخرج بنحوها نحو اقعدي، قُوْمِي، أغناك الله -ويفرق بينه وبين لعل الله يسوق إليك الخير بأن هذا أقرب إلى إرادة الطلاق به; لأن ترجي سوق الخير يستعمل في ترجي حصول زوج ولا كذلك الغنى- أحسن الله جزاءك اقعدي اغزلي بخلاف اعزلي -أي نفسك عني- فكناية، ومن الكناية أيضاً قُتل نكاحُك وقتلت نكاحَك وقُطع نكاحُك وقطعته. ولو قالت له أنا مطلقة فقال ألف مرة كان كناية في الطلاق والعَدَدِ فإن نوى الطلاق وحده وقع أو والعدد وقع ما نواه أخذا من قول الروضة وغيرها في أنت واحدة أو ثلاث أنه كناية، ومثله ما لو قيل له هل هي طالق فقال ثلاثا. ولو طلقها رجعيا ثم قال جعلتها ثلاثا فإن لم يَفْصِل في ((ثلاثا)) بأكثر من سكتة التنفس والعي أثَّر مطلقا ومتى فصل بذلك ولم تنقطع نسبته عنه عرفا كان كالكناية فإن نوى أنه من تتمة الأول وبيان له أثرَّ وإلا فلا، وإن انقطعت نسبته عنه عرفا لم يؤثر مطلقا كما لو قال لها ابتداء ثلاثا. ولو قالت له بذلت صداقي على طلاقي فقال طالق لم يقع شيء، ولو قيل لمن أنكر شيئا امرأتك طالق إن كنت كاذبا فقال طالق وقال أردت طلاق غير امرأتي قبل; لأنه لم يوجد منه إشارة إليها ولا تسمية، وإن ادعى طلاق امرأته أو أطلق طلقت. ولو قال متى طلقتها فطلاقي معلق على إعطائها لي كذا ثم طلقها وقع; لأنه إذا وقع لا يعلق وإلا لزم صحة قصده أنه إذا وقع منه لفظ طلاق لا يقع مدلوله وليس كذلك، نعم إن قصد في هذه الصورة ذلك


(١). بكسر ثم فتح ويجوز عكس هذا الضبط عند الشارح، وفي المغني أن المطرزي جعله خطأً.

<<  <  ج: ص:  >  >>