يضمنها (ولم يوجب الأكثرون التعريف) في غير لقطة الحرم (والحالة هذه) أي كونه أخذها للحفظ; لأن الشرع إنما أوجبه لأجل أن له التملك بعده، لكن المعتمد الوجوب حيث لم يخف أخذ ظالم لها؛ لأن صاحبها قد لا يمكنه إنشادها لنحو سفر أو مرض -ويمكن للملتقط التخلص عن الوجوب بالدفع للقاضي الأمين- فيضمن بترك التعريف، أي بالعزم على تركه من أصله، ولا يرتفع ضمانه به لو أبدله بعد. ولا يلزمه مؤنة التعريف في ماله على القولين. ولو بدا له قصد التملك أو الاختصاص عرفها سنة من حينئذ ولا يعتد بما عرفه قبله. أما إذا أخذها للتملك أو الاختصاص فيلزمه التعريف جزما (فلو قصد بعد ذلك) أي بعد أخذها للحفظ وكذا بعد أخذها للتملك (خيانة لم يصر ضامنا) بمجرد القصد (في الأصح) فإن انضم لقصد ذلك استعمال أو نقل من محل لآخر ضمن كالوديع فيهما فيأتي هنا جميع ما يأتي ثَم في مسائل الاستعمال والنقل ونحوهما، وإذا ضمن في الأثناء بخيانة ثم أقلع وأراد أن يعرف ويتملك جاز. وخرج بالأثناء ما في قوله:(وإن أخذ) ها (بقصد خيانة فضامن)؛ لقصده المقارن لأخذه، ويبرأ بالدفع لحاكم أمين (وليس له بعده أن يعرف ويتملك) أو يختص (على المذهب) نظرا للابتداء; لأنه غاصب (وإن أخذ) ها (ليعرف ويتملك) بعد التعريف (فـ) هي (أمانة) بيده (مدة التعريف وكذا بعدها ما لم يختر التملك في الأصح) كما قبل مدة التعريف، وإن أخذها لا بقصد حفظ ولا تملك، أوْ لا بقصد خيانة ولا أمانة، أو بقصد أحدهما ونسيه فأمانة وله تملكها بشرطه اتفاقا.
(و) عقب الأخذ (يَعْرف) ندبا محل التقاطها و (جنسها وصفتها) الشامل لنوعها (وقدرها) بعدد أو ذرع أو كيل أو وزن (وعفاصها) وهو مشترك بين الوعاء الذي فيه النفقة جلدا أو خرقة وغلاف القارورة والجلد الذي يغطى به رأسها (ووِكاءها) أي خيطها المشدودة به؛ لأمره -صلى الله عليه وسلم- بمعرفة هذين وقيس بهما غيرهما؛ لئلا تختلط بغيرها وليَعْرِف صدق واصفها، ويسن تقييدها بالكتابة كما مر خوف النسيان. أما عند تملكها فتجب معرفة ذلك؛ ليخرج منه لمالكها إذا ظهر.