للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْعُهُ إنْ لَمْ يُؤَبَّدْ كَالمُسْتَأْجَرِ، وَإِنْ أَبَّدَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ. وَأَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا مِنَ الثُّلُثِ إنْ وَصَّى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا،

أو غيره، (وبيعه) أي الموصى بمنفعته من قِبَل الوارث (إن لم يُؤَبِّد) أي الموصي المنفعة (كـ) ـبيع الشيء (المستأجر) فيصح البيع -ولو لغير الموصى له- وأفهم التشبيه أنه لا بد هنا من العلم بالمدة وهو كذلك (١)، فإن جهلت المدة كالمقدرة بحياته لم يصح بيعه (٢) أي إلا للموصى له كما علم من قوله (وإن أبد) المنفعة ولو بإطلاقها؛ لما مر أنه يقتضي التأبيد (فالأصح أنه يصح بيعه للموصى له دون غيره)؛ إذ لا فائدة ظاهرة لغيره فيه، ومن ثم إن اجتمعا على بيعه من ثالث صح؛ لوجود الفائدة حينئذ. وإذا لم يصح بيعه إلا للموصى له فأسلم القن والموصى له والوارث كافران حيل بينهما وبينه، ويستكسب -عند مسلم ثقة- للموصى له، ولا يجبران على بيعه لثالث; لأنه لا يدرى ما يخص كلا من الثمن، ولو أوصى بمنفعة كافر لمسلم أبدا فأسلم القن أجبر الوارث الكافر على بيعه للموصى له إن رضي به؛ تخليصاً له من ذل بقائه في ملكه الموجب لاستيلائه عليه في غير وقت الانتفاع به. ولو أوصى أن يدفع من غلة أرضه كل سنة كذا لمسجد كذا مثلا وخرجت من الثلث لم يصح بيع بعضها وترك ما يحصل منه المعين؛ لاختلاف الأجرة فقد تستغرقها فيكون الجميع للموصى له، نعم يصح بيعها لمالك المنفعة، وإذا قال بمائة من غلتها فلم تأت الغلة إلا مائة أُعطيت للموصى له. ولو أوصى بمنفعة مسلم لكافر صحت الوصية، وعليه فيجبر على نقلها لمسلم كما لو استأجر كافر مسلما عينا. وقد يُفْهِم المتن أنه لا يصح بيع الموصى له بالمنفعة المؤبدة إلا للوارث وهو كذلك (٣). ولو أوصى بأمة لرجل وبحملها لآخر فأعتقها مالكها لم يعتق الحمل; لأنه لما انفرد بالملك صار كالمستقل، أو أوصى بما تحمله -وقلنا بما مر أن الوصية تستغرق كل حمل وجد في المستقبل- فأعتقها الوارث وتزوجت ولو بحر فأولادها أرقاء؛ لأن تعلق حق الموصى له بالحمل يمنع سريان العتق إليه فيبقى على ملكه، (و) الأصح (أنه تعتبر قيمة العبد) مثلا (كلها) أي مع منفعته (من الثلث إن أوصى بمنفعته أبدا) أو مدة مجهولة; لأنه حال بينها وبين


(١). وفاقا للمنهج والمغني وشرح الروض وخلافا للنهاية.
(٢). على حسب الخلاف السابق.
(٣). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني.

<<  <  ج: ص:  >  >>