الإيداع وولي فيضمن الدافع والآخذ بمجرد القبض، (فإن وثق) بأمانة نفسه وقدر على حفظها (استحب) له قبولها; لأنه من التعاون المأمور به، ومحله إن لم يخف المالك من ضياعها لو تركها عنده -أي غلب على ظنه ذلك- وإلا لزمه قبولها حيث لم يخش منه ضررا يلحقه لكن لا مجانا بل بأجرة لعمله وحرزه; لأن الأصح جواز أخذ الأجرة على الواجب العيني (١) كإنقاذ غريق وتعليم نحو الفاتحة. ولو تعدد الأمناء القادرون فالأوجه تعينها على كل من سأله منهم؛ لئلا يؤدي التواكل إلى تلفها، ولو علموا حاجته إلى الإيداع لكنه لم يسأل أحدا منهم فلا وجوب هنا; لأنه لا تواكل حينئذ، ويستحب لكل منهم أن يُعَرِّض له بقبوله الإيداع إن أراده.
(وشرطهما شرط موكل ووكيل)؛ لما مر أنها توكيل في الحفظ، فلا يجوز إيداع مُحْرِم صيداً، ولا كافر نحو مصحف. ويجوز إيداع مكاتب لكن بأجرة؛ لامتناع تبرعه بمنافعه من غير إذن السيد (ويشترط) المراد بالشرط هنا ما لا بد منه (صيغة المودع) بلفظ أو إشارة أخرس مفهمة صريحة كانت (كاستودعتك هذا أو استحفظتك) ـه (أو أنبتك في حفظه) أو أودعتكه أو أستودعه أو أستحفظه، أو كناية كخذه وككتاية مع النية، فلا يجب على حمامي حفظ ثياب من لم يستحفظه ولا يضمنها بخلاف ما إذا استحفظه وقبل منه أو أعطاه أجرة لحفظها فيضمنها إن فرط كأن نام أو نعس أو غاب ولم يستحفظ غيره -أي وهو مثله- وإن فسدت الإجارة. وليس من التفريط فيهما ما لو كان يلاحظه كالعادة فتغفله سارق أو خرجت الدابة في بعض غفلاته; لأنه لم يقصر في الحفظ المعتاد، وظاهرٌ أنه يقبل قوله فيه بيمينه; لأن الأصل عدم التقصير (والأصح أنه لا يشترط القبول) من الوديع لصيغة العقد أو الأمر (لفظا، و يكفي) مع عدم اللفظ والرد منه (القبض) ولو على التراخي كما في الوكالة، والمراد بالقبض هنا حقيقته السابقة في البيع؛ لقولهم لا يكفي الوضع هنا بين يديه مطلقا، أي حيث لم يقل مثلا ضعه؛ لما يأتي فيه، ولا يشترط مع القبول قبض، فلو قال هذا وديعتي عندك أو احفظه