(ولو سافر) من أُوْدِعها في الحضر ولم يعلم المالك أن من عادته السفر أو الانتجاع (بها) وقدر على دفعها لمن مر بترتيبه (ضمن) وإن كان في بر آمن; لأن حرز السفر دون حرز الحضر. أما إذا أودعها في السفر فاستمر مسافرا، أو أودع بدويا -ولو في الحضر- أو منتجعا فانتجع بها فلا ضمان؛ لرضا المالك بذلك حين أودعه عالما بحاله، ومن ثم لو دلت قرينة حاله على أنه إنما أودعه فيه؛ لقربه من بلده امتنع إنشاؤه لسفر ثان (إلا إذا وقع حريق أو غارة وعجز عمن يدفعها إليه) من المالك أو وكيله ثم الحاكم ثم أمين (كما سبق) قريبا فلا يضمن؛ للعذر، بل إذا علم أنه لا ينجيها من الهلاك إلا السفر لزمه بها وإن كان مخوفا، فإن لم يعلم ذلك فإن كان احتمال الخوف في الحضر أقرب وجب. وتجب مؤنة نحو حملها هنا على المالك; لأن المصلحة له لا غير، ويأتي في الرجوع بها ما يأتي قريبا في النفقة. وما اقتضاه سياقه أنه لا بد في نفي الضمان من العذر والعجز المذكورين غير مراد بل العجز كاف كما علم من كلامه قبل (والحريق والغارة في البقعة وإشراف الحرز على الخراب) ولم يجد في الكل ثم حرزا ينقلها إليه (أعذار كالسفر) في جواز إيداع من مر بترتيبه. (وإذا مرض) مرضا (مخوفا فليردها إلى المالك) أو وليه (أو وكيله) العام أو الخاص بها (وإلا) يمكنه ردها لأحدهما (فالحاكم) الثقة المأمون يردها إليه (أو أمين) يردها إليه إن فقد القاضي، وسواء فيه هنا وفي الوصية الوارث وغيره. ولو ظنه أمينا فكان غير أمين ضمن; لأن الجهل لا يؤثر في الضمان مع تقصيره في البحث عنه، ومحله إن وضع المظنون أمانته يده عليها وإلا لم يضمن الوديع; لأنه لم يحدث فيها فعلا (أو يوصي بها) إلى الحاكم فإن فقد فإلى أمين، والمراد بالوصية الأمر بردها بعد موته من غير أن يسلمها للوصي وإلا كان إيداعا فيضمن به إن كان الوصي غير أمين أو أمكن الرد إلى قاض أمين. ويشترط الإشهاد على ما فعله من ذلك؛ صونا لها عن الإنكار، وأن يشير لعينها أو يصفها بمميزها، وحينئذ فإن لم يوجد في تركته ما أشار إليه أو وصفه فلا ضمان على الورثة، فعُلم أن قوله ((عندي وديعة لفلان أو ثوب له)) لا يدفع الضمان عن المورث سواء وجد في