الواجبة، وصحَّ ((أنه -صلى الله عليه وسلم- استشير في معاوية وأبي جهم، فقال: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له))، نعم إن علم أن الذكر لا يفيد أمسك كالمضطر لا يباح له إلا ما اضطر إليه، وقد يؤخذ منه أنه يجب ذكر الأخف فالأخف من العيوب.
وهذا أحد أنواع الغيبة الجائزة، وهي: ذكر الغير بما فيه أو في نحو ولده أو زوجته أو ماله مما يكره عرفا أو شرعا، لا بنحو صلاح وإن كرهه ولو بإشارة أو إيماء، بل وبالقلب بأن أصرَّ فيه على استحضار ذلك، ومن أنواعها الجائزة أيضا التظلم لذي قدرة على إنصافه، أو الاستعانة به على تغيير منكر أو دفع معصية، والاستفتاء بأن يذكر حاله وحال خصمه مع تعيينه للمفتي وإن أغنى إجماله; لأنه قد يكون في التعيين فائدة، ومجاهرته -بفسق أو بدعة أو صغيرة- بأن لم يبال بما يقال فيه من جهة ذلك؛ لخلعه جلباب الحياء فلم يبق له حرمة لكن لا يذكره بغير ما تجاهر به، وشهرته بوصف يكرهه فيذكر للتعريف -وإن أمكن تعريفه بغيره-، وليس له ذكره للتنقيص بخلاف ذكره بذلك مطلقا عن قصد فيجوز. ولو استشير في نفسه وفيه مَسَاوٍ قال لا أصلح لكم فإن رضوا به مع ذلك فواضح وإلا لزمه الترك أو الإخبار بما فيه من كل مذموم شرعا أو عرفا، بل يلزمه ذكر ذلك ولو لم يستشر. والنص على أنها لو أذنت في العقد لم يجز ذكر المساوي محمول على ما إذا ظهر بقرائن الأحوال عدم رجوعها عنه وإن ذكرت. (ويستحب) للخاطب أو نائبه إن جازت الخطبة بالتصريح لا بالتعريض (تقديم خُطبة قبل الخِطبة)؛ لخبر ((كل أمر ذي بال)) السابق، فيبدأ بالحمد والثناء على الله تعالى ثم بالصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يوصي بالتقوى ثم يقول: جئتكم، وإن كان وكيلا قال: جاءكم موكلي أو جئتكم عنه خاطبا كريمتكم أو فتاتكم، فيخطب الولي أو نائبه كذلك، ثم يقول لست بمرغوب عنك، أو نحوه (ويستحب) خطبة (أخرى) كما ذكر (قبل العقد) عند إرادة التلفظ به سواء الولي أو نائبه، والزوج أو نائبه وأجنبي، وهي آكد من الأولى (ولو خطب الولي) كما ذكر، ثم قال زوجتك إلى آخره (فقال الزوج الحمد لله والصلاة) والسلام (على رسول الله قبلت) إلى آخره (صح النكاح) وإن تخلل ذلك (على الصحيح) ; لأنه مقدمة القبول مع قصره فليس أجنبيا عنه.