للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ، وَعِفَّةٌ فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ، وَحِرْفَةٌ فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ، لَيْسَ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ، فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ وَرَاعٍ وَقَيِّمُ حَمَّامٍ لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ،

ودنيء نسب؛ لأن وصْمة الرق الثابت من غير شك ألغت اعتبار كل كمال معه مع كون الحق في النسب لسيدها لا لها (والأصح اعتبار النسب في العجم كالعرب)؛ قياسا عليهم فالفرس أفضل من النبط وبنو إسرائيل أفضل من القبط، ولا عبرة بالانتساب للظَلَمَة بخلاف الرؤساء بإمرة جائزة ونحوها؛ لأن أقل مراتبها أن تكون كالحرف (١)، وللعجم عرف في النسب غير ما ذكر فيعتبر أيضاً.

(و) رابعها (عفة) عن الفسق فيه وفي آبائه (٢) (فليس فاسق) ولو ذميا فاسقا في دينه أو مبتدع، ولا ابن أحدهما وإن سفل (كفء عفيفة) أو سنيَّة، ولا محجور عليه كفؤ رشيدة، وذلك؛ لقوله تعالى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} السجدة: ١٨، وغير الفاسق ولو مستورا كفؤ لها، وغير مشهور بالصلاح كفؤ للمشهورة به، وفاسق كفؤ لفاسقة مطلقا إلا إن زاد فسقه (٣) أو اختلف نوع فسقهما، ويجري ذلك في مبتدع ومبتدعة.

(و) خامسها (حرفة) -فيه أو في أحد من آبائه- وهي ما يتحرف به لطلب الرزق من الصنائع وغيرها، وقد يؤخذ منه أن من باشر صنعة دنيئة لا على جهة الحرفة بل لنفع المسلمين من غير مقابل لا يؤثر ذلك فيه وهو محتمل ويؤيده ما يأتي أن من باشر نحو ذلك اقتداء بالسلف لا تنخرم به مروءته (فصاحب حرفة دنيئة) وهي ما دلت ملابسته على انحطاط المروءة وسقوط النفس. ثم ما نصوا على أنه حرفة دنيئة فواضح وما لم ينصوا عليه يُرجع فيه لعرف بلد الزوجة التي هي فيه حال العقد (ليس) هو أو ابنه وإن سفل (كفء أرفع منه)؛ لقوله تعالى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} النحل: ٧١ (فكنَّاس وحجَّام (٤) وحارس) وبيطار ودباغ (وراع) لغيره بأجرة، أما المتبرع أو راعي مال نفسه فلا يؤثر إن فعل ذلك؛ لينعزل به عن الناس ويتأسى بالسلف (وقيِّم حمام) هو أو أبوه (ليس كفء بنت خياط)، بل كل ذي حرفة فيها مباشرة نجاسة كالجزارة


(١). وتعتبر الكفاءة بين الذميين إن ترافعوا إلينا كما يأتي قبيل فصل أحكام زوجات الكفار ٧/ ٣٣٦.
(٢). قال الرشيدي إن قضية هذا السياق أن ابن الفاسق مثلا وإن كان عفيفا لا يكافئ العفيفة وإن كانت بنت فاسق وفي شرح الروض ما قد يخالفه.
(٣). خلافا للمغني.
(٤). قال الشارح في كتاب السير بكراهة أكل كسب الحجامة للحر لا فعلها ٩/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>