للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِأَكْلٍ. وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ

من مال غيره -لا من مال نفسه، إلا إن ضرَّه- ويضمنه لصاحبه ما لم يعلم رضاه به. ولو كان يأكل قدر عشرة والمضيف جاهل به لم يجز له أن يأكل فوق ما يقتضيه العرف في مقدار الأكل؛ لانتفاء الإذن اللفظي والعرفي فيما وراءه، وكذا لا يجوز له أكل لقم كبار مسرعا في مضغها وابتلاعها إذا قل الطعام; لأنه يأكل أكثره ويُحْرِم غيره، ولا لرذيل أكل من نفيس بين يدي كبير خُصَّ به؛ إذ لا دلالة على الإذن له فيه بل العرف زاجر له عنه، وبه يعلم أنه يجب عليه مراعاة القرائن القوية والعرف المطرد ولو بنحو لقمة فلا تجوز الزيادة عليها، والنصفة مع الرَُِفقة فلا يأخذ إلا ما يخصه أو يرضون به لا حياءً، وكذا يقال في قران نحو تمرتين. (ولا يتصرف فيه) أي ما قدم له (إلا بأكل) لنفسه; لأنه المأذون له فيه دون ما عداه كإطعام سائل أو هرة وكتصرفه فيه بنقل له إلى محله أو بنحو بيع أو هبة، نعم له -وإن لم يملكه- تلقيم من معه ما لم يفاوت المالك بينهم، فيحرم على ذي النفيس تلقيم ذي الخسيس دون عكسه، والمفاوتة بينهم مكروهة إن خشي منها ضغينة. والمعتمد أن الضيف يملك الطعام بالازدراد (١) أي يتبين به ملكه له قبيله فله الرجوع قبله، والمراد بالملك هنا الملك المقيد؛ لأنه يمتنع عليه بيعه (٢)، نعم ضيف الذمي المشروط عليه الضيافة يملك ما قدم له اتفاقا فله الارتحال به. (وله) أي الضيف مثلا (أخذ ما) يشمل الطعام والنقد وغيرهما (يعلم) أو يظن أي بقرينة قوية بحيث لا يتخلف الرضا عنها عادة (رضاه به) ; لأن المدار على طيب نفس المالك، فإذا قضت القرينة القوية به حلَّ وتختلف قرائن الرضا في ذلك باختلاف الأحوال ومقادير الأموال. وإذا جوزنا له الأخذ وظن الأخذ بالبدل كان قرضا ضمينا، أو بلا بدل توقف الملك على ما ظنه. ويحرم التطفل وهو الدخول إلى محل الغير لتناول طعامه بغير إذنه ولا علم رضاه أو ظنه بقرينة معتبرة بل يفسق بهذا إن تكرر منه؛ للحديث المشهور أنه ((يدخل سارقا ويخرج مغيرا))، ومنه أن يدعي -ولو صوفيا مُسَلِّكا وعالما مدرسا- فيستصحب جماعته من غير إذن


(١). خلافا لهما من أنه يملكه بوضعه في فمه.
(٢). خلافا لشرح الروض.

<<  <  ج: ص:  >  >>