من ظلمه بنهيه للزوج أول مرة بغير تعزير وثانيا بالتعزير وبتعزيرها مطلقا، فإن لم يمتنع حال بينهما إلى أن يرجع، بل لو علم من جراءته وتهوره أنه لو اختلى بها أفرط في إضرارها حال وجوبا بينه وبينها ابتداء (١) ; لأن الإسكان بجنب الثقة لا يفيد حينئذ، (فإن اشتد الشقاق) أي الخلاف (بعث القاضي) وجوبا (حكما) ويسن كونه (من أهله وحكما) ويسن كونه (من أهلها)؛ للآية فلا يكفي حكم واحد بل لا بد من حكمين ينظران في أمرهما بعد اختلاء حكمَ كلٍّ به ومعرفة ما عنده (وهما وكيلان لهما) ; لأنهما رشيدان فلا يُولَّى عليهما في حقهما؛ إذ البضع حقه والمال حقها (وفي قول) حاكمان (موليان من الحاكم)؛ لتسميتهما في الآية حكمين، (فعلى الأول يشترط رضاهما) ببعثهما (فيوكل) هو (حكمه بطلاق وقبول عوض خلع، وتوكل) هي (حكمها ببذل عوض وقبول طلاق به) ثم يفعلان الأصلح من صلح أو تفريق، فإن اختلف رأيهما بعث القاضي اثنين غيرهما ليتفقا على شيء. ولتعلق وكالتهما بنظر القاضي اشترط في الحكمين ما في أمينه من حرية وعدالة واهتداء للمقصود، ويسن ذكورتهما. فإن عجزا عن توافقهما أدَّب القاضي الظالم واستوفى حق المظلوم، ولا يجوز لوكيل في طلاق أن يخالع; لأنه وإن أفاد موكله مالاً فوَّت عليه الرجعة، ولا لوكيل في خلع أن يطلق مجانا.
(١). مقتضى كلامها ما صرح به الشيخ زكريا من أنه لا يحال بينهما إلا بعد التعزير والإسكان.