للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَطَعَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْ النَّفْسِ مَجَّانًا، فَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ. وَلَوْ وَكَّلَ ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ، وَأَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي. وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ فَنَكَحَهَا عَلَيْهِ جَازَ وَسَقَطَ، فَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ، وَفِي قَوْلٍ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلٍ

بسراية طرف ما لو استحقهما بالمباشرة فإن اختلف المستحق كأن قطع عبد يد عبد ثم عتق ثم قتله فللسيد قود اليد وللورثة قود النفس ولا يسقط حق أحدهما بعفو الآخر، وكذا إن اتحد المستحق فلا يسقط الطرف بالعفو عن النفس وعكسه.

ولمَّا كان من له قصاص نفس بسراية طرف تارة يعفو وتارة يقطع وذكر حكم الأول تمم بذكر الثاني فقال (ولو قطعه) المستحق (ثم عفا عن النفس مجانا) مثلا إذ العفو بعوض كذلك (فإن سرى القطع) إلى النفس (بان بطلان العفو) ووقعت السراية قصاصا؛ لترتب مقتضى السبب الموجود قبل العفو عليه فبان أن لا عفو حتى لو كان وقع بمال بان أن لا مال (وإلا) يسرِ بأن اندمل (فيصح) العفو فلا يلزمه لقطع العضو شيء; لأنه حال قطعه كان مستحقا لجملته فانصب عفوه لغيره. (ولو وكل (١) آخر في استيفاء قوده (ثم عفا فاقتص الوكيل جاهلا) بعفوه (فلا قصاص عليه)؛ إذ لا تقصير منه بوجه. أما إذا علم بالعفو فيقتل قطعا، ويظهر أن المراد بالعلم هنا الظن كأن أخبره ثقة أو غيره ووقع في قلبه صدقه. ويقتل أيضا فيما لو صرف القتل عن موكله إليه بأن قال قتلته بشهوة نفسي، أو قال لا عن الموكل، (والأظهر وجوب دية) عليه; لأن عدم تثبته تقصير منه بالنسبة للمال، ويجب كونها مغلظة؛ لتعمده، وإنما سقط عنه القود؛ لعذره، (و) من ثم كان الأظهر أيضا (أنها عليه لا على عاقلته، والأصح أنه) أي الوكيل الغارم للدية (لا يرجع بها على العافي) ; لأنه محسن بالعفو ما لم ينسب (٢) لتقصير في الإعلام وإلا رجع عليه; لأنه غره، ولم ينتفع بشيء (ولو وجب) لرجل (عليها) أي المرأة (قصاص فنكحها عليه جاز) النكاح وهو واضح، والصداق; لأن كل ما صح عنه صح جعله صداقا (وسقط) القصاص لملكها له، (فإن فارق) ها (قبل الوطء رجع بنصف الأرش) لتلك الجناية; لأنه البدل لما وقع العقد به (وفي قول نصف مهر المثل) ; لأنه البدل للبضع.


(١). ولو وكله في العفو بنصف الدية امتنع عليه أن يعفو بالدية ذكره الشارح في الوكالة ٥/ ٣٣٠.
(٢). خلافا لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>